مفاهيم بلاغية
أ.د. لقاء عادل حسين
المدارس البلاغية
المدرسة الكلامية: كان للفلسفة وعلم الكلام أثر في الفكر العربي والاسلامي، ولم يسلم علم من العلوم من الأثر الفلسفي والكلامي، وكان للبلاغة نصيب عظيم من ذلك الأثر فتوثقت الصلة منذ عهد مبكر بينها وبين المنطق والفلسفة، وأخذت هذه الصلة تزداد قرناً بعد قرن حتى بلغت اوجها في القرن السادس للهجرة وما بعده، وقد انعكس ذلك في الدرس البلاغي، فكانت المدرسة الكلامية التي اهتمت:
7. ومن شواهد الاثر الفلسفي في هذه المدرسة الاقلال من الأمثلة الادبية، لأن رجالها اهتموا بالاقلال من الأمثلة الأدبية اهمها:
8. فكانوا يذكرون لكل قاعدة شاهداً واحداً أو مثالاً قصيراً، وليتهم وقفوا عند ذلك، فهم كثيراً ما يذكرون أمثلة لا جمال فيها، لأن صحة الشاهد أو المثال عندهم أصل كل شيء، أما جماله وما يبعث في النفس من احساس أو شعور فني فلم يوجهوا عنايتهم إليه .
9. ولعل اهتمام المتأخرين منهم بالاختصار وتلخيص الكتب المتقدمة كان سبب الاقلال من الأمثلة والشواهد والاكتفاء باقلها وأقصرها وبما ينسجم مع أذواقهم التي سيطرت عليها النزعة العقلية، وخير مثال على ذلك كتاب التلخيص للخطيب القزويني (- ٧٣٩هـ) الذي أوجز فيه مباحث البلاغة التي ذكرها السكاكي (-٦2٦هـ) في كتابه "مفتاح العلوم" فأصبحت جافة لا تنفع كثيراً مما اضطره إلى شرح كتابه بالإيضاح ، ودفع الآخرين كالتفتازاني ، وبهاء الدين السبكي ، وعصام الدين الاسفراييني وغيرهم إلى شرحه أيضاً.
المدرسة الأدبية
كان القرآن الكريم من أهم العوامل التي طبعت بحوث البلاغة بطابع أدبي يعتمد على الذوق الرفيع قبل اعتماده على التحديد والتقسيم. وكان للكتاب والشعراء أثر واضح في البلاغة، فقد صبغوا كثيراً من موضوعاتها بصبغة أدبية لما امتازوا به من أدب غزير وذوق سليم: وكانت نتيجة تلك العوامل أن اتجهت البلاغة منذ عهد مبكر اتجاهاً أدبياً وسلكت طريقاً بعيداً عن المدرسة الكلامية، وكانت لها خصائص واضحة تميزها عن المدرسة الأخرى ومن ذلك :
3. استعمال المقاييس الفنية في الحكم على الأدب ولذلك نجدها مرة تستطيع التعليل ومرة لا تستطيع ذلك، وترجعه إلى الذوق والإحساس الفني.
4. أسلوب كتبها سهل لا يحتاج إلى عناء كبير في فهمه كما يحتاج في قراءة كتب المدرسة الأخرى، وسبب ذلك أن معظم رجالها عاشوا في بيئات عربية كالعراق والشام ومصر، وكانوا إلى جانب ذلك شعراء أو كتاباً. أما رجال المدرسة الكلامية فقد عاشوا في بيئات أعجمية فغلبت على كتبهم العجمة ولم يكونوا أدباء بل كانوا من الفلاسفة والمتكلمين.
5. أسرف رجال المدرسة الأدبية في ذكر الشواهد والأمثلة، وكانوا يذكرون القاعدة أو التعريف ثم يأتون بالأمثلة الكثيرة. ولم تكن الأمثلة مقصورة على الجملة أو بيت الشعر وإنما تعدتها إلى القطعة الشعرية والرسالة الأدبية ، ويتضح هذا في جميع كتب المدرسة:
أ/فابن المعتز - مثلاً - يذكر تعريف الاستعارة أو التجنيس ويورد بعد ذلك امثلة كثيرة ويفرق بين الحسن والردىء ، وتبعه البلاغيون الآخرون في هذا المنهج .
ب/كابي هلال العسكري في "كتاب الصناعتين" ،
ت/وابن رشيق في "العمدة" ،
ث/وأسامة ابن منقذ في "البديع في نقد الشعر"
ج/وابن الأثير في "المثل السائرة" و"الجامع الكبير"
ح/وابن أبي الأصبع المصري في تحرير "التحبير"
6. وقد سادت هذه المدرسة في المناطق الوسطى من العالم الإسلامي كالعراق والشام ومصر وشمالي افريقية.
7. واهم كتبها التي تضمنت خصائصها :
أ. كتاب "البديع" لابن المعتز
ب. "كتاب الصناعتين" للعسكري
ت. "العمدة" لابن رشيق
ث. "سر الفصاحة" لابن سنان الخفاجي
ج. "اسرار البلاغة" لعبد القاهر الجرجاني
ح. "البديع في نقد الشعر" لابن منقذ
خ. "المثل السائر" و"الجامع الكبير" لابن الأثير
د. "بديع القرآن" و"تحرير التحبير" لابن أبي الاصبع
ذ. "حسن التوسل إلى صناعة الترسل" لشهاب الدين الحلبي