فقه العبادة / الحج والعمرة�م.م. قصي محمود نجم
المرحلة الاولى
الحمد لله الذي جعل للمسلمين فرائض يتقربون بها إلى مولاهم، وفرض عليهم عبادات وطاعات؛ ليزدادوا قربا من خالقهم ومولاهم، ويفتح لهم باب التوبة بهذه الأركان والسنن والنوافل؛ ليكفر عنهم سيئاتهم، ويطهر ذنوبهم، ويعودوا طائعين إلى مولاهم، ونحمده سبحانه أن شرع لعباده ـ لحكم عديدة ـ حج بيته الحرام، والاعتمار إليه في وفد سماه وفد الله، ليشعروا بقربهم من مولاهم، ويعودوا من رحلة الحج بذنب مغفور، وسعي مشكور وعمل متقبل مبرور، بل ويعود من الحج وكأنه مولود جديد.
فرحلة الحج والعمرة هي الرحلة الإيمانية التربوية التي تربط الحجاج بذكريات إيمانية عبقة، فهي تذكر بتاريخ الأنبياء السابقين كإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وتجعلهم يقتدون بخاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليهم جميعا صلوات ربي وسلامه.
والمسلم الذي اشتاقت نفسه للحج، وعقد العزم على السفر لأداء هذا الركن العظيم، يحاول أن يقبل على الحج بنفس طيبة، ويتهيأ له جيدا، ويتعلم مناسكه بهمة عالية، ويتزود له بالتقوى، وينوي الحج مخلصا لوجه الله تعالى، ويجدد التوبة، ويستعد بالنفقة الطيبة والمال الحلال، ويتعلم الأمور المهمة قبل أن يخرج لرحلة الحج، فتكون عبادة الحج بلا منغصات، فينال بذلك مغفرة الذنوب ومحو السيئات، ويحصل على مزيد من الحسنات، ويمنح جرعة إيمانية عالية تجعله يعود من الحج زاهداً في الدنيا راغبا فيما عند الله تعالى.
ونتناول اليوم فقه الحج، ونتعرف على مناسكه وسننه وأركانه، ونبدأ بتعريف الحج والعمرة، وبيان الحكمة من مشروعية الحج باختصار، وبيان فضله وشروطه، ثم توضيح أركان الحج، ومعرفة المواقيت، وأنواع المناسك، ثم محظورات الإحرام والحكمة منها، ثم بيان صفة العمرة ومعرفة أركانها. ثم نتناول صفة الحج بحسب الترتيب الزمني لأداء المناسك من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة إلى انتهاء المناسك.
أولاً: تعريف الحج والعمرة وحكمهما
الحج في اللغة: القصد, وفي الشرع: قصد مكة والمشاعر المقدسة في وقت معين لأداء أعمال مخصوصة تعبداً لله تعالى.
تعريف العمرة: في اللغة: الزيارة. وفي الشرع : التعبد لله تعالى بأداء مناسك العمرة.
حكمهما: حج بيت الله الحرام فريضة على المسلم، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام دل على فرضيته الكتاب والسنة والإجماع, قال تعالى : (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران :97 , وقال سيدنا النبي صلى الله تعالى عليه واله وصحبه وسلم في حديث ابن عمر المتفق على صحته: "بني الإسلام على خمس"، وذكر منها : "وحج البيت". وقد أجمع العلماء على وجوبه. وقد فرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة, ويجب على المسلم مرة واحدة في العمر، وكذلك العمرة، وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة هي حجة الوداع، واعتمر أربع مرات.
ثانيا: الحكمة من مشروعية الحج وفضله
شُرع الحج لما فيه من الأجر العظيم والمنافع الكثيرة، فالحج مؤتمر إسلامي كبير يلتقي فيه المسلمون، ويشعرون بحاجتهم للوحدة، والاتحاد حين يلبسون لباساً واحداً، يقفون على صعيد واحد، ويتوجهون لرب واحد, لا فرق بين غني وفقير، ولا أسود وأبيض إلا بالتقوى، فكلهم سواسية، جاؤوا لتحقيق الوحدة والأخوة الإسلامية, والتعاون في الخير، وتكبدوا مشاق السفر لمحو الذنوب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" متفق عليه.
فضل الحج: فالحج هو أفضل الأعمال ـ بعد الإيمان والجهاد ـ إذا كان الحج مبرورا, كما في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ : جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ" متفق عليه, والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
ومن منافع الحج: محو الذنوب، ونفي الفقر وتكفير السيئات، قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" (رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وحسنه الألباني).
والحجاج والعمار وفدوا على بيت الله , فاستحقوا التكريم والمغفرة واستجابة الدعاء, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ الْغَازِي وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ"(رواه النسائي وغيره, وصححه الألباني، وفي رواية وحسنها بعض العلماء ـ عند ابن ماجه): "الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإِنْ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ".
لماذا يقصد الحجاج بيت الله الحرام: للحصول على المنافع العديدة والفوائد الكثيرة، وأيضا استجابة لدعاء خليل الله إبراهيم عليه السلام بعد تركه لأم إسماعيل (الأم المستسلمة لأمر ربها) في وادي لا زرع فيه ولا ضرع، ثم قال : (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) إبراهيم :37.
ولأن الله سبحانه أمر إبراهيم عليه السلام أن يعلن في الناس التوجه لزيارة المسجد الحرام لأداء شعائر الحج والعمرة؛ لما في ذلك من تعظيم لشعائر الله تعالى: (وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ لِّيَشْهَدُواْ مَنَـفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)الحج 27,28 ، وأيضا لأخذ الدروس والمواعظ، وتذكر التاريخ العظيم لمن بنى البيت ورفع قواعده. ففي هذه الرحلة الإيمانية يزداد المسلم قربا من خالقه ومولاه، ويتعلم دروساً تربوية عديدة وترتفع درجة إيمانه، وتحل مشكلاته النفسية أو المعنوية والمادية أيضا، وسيتضح هذا مع استعراض هذه الرحلة التربوية وبيان صفتها وشروطها، والأمور التي ينبغي للحاج والمعتمر الاهتمام بها.
ثالثاً ـ شروط الحج أو العمرة:
الشرط الأول: الإسلام: أن يكون الحاج مسلماً، فالكافر لا يجب عليه الحج.
الشرط الثاني: العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج، ولا يصح منه.
الشرط الثالث: البلوغ، ويحصل البلوغ في الذكور إما بالاحتلام أو بالإنزال، أي إنزال المني، أو نباتُ شعر العانة، وهو الشعر الخشن يَنبت حول القُبل (الفرج) أو تمام خمس عشرة سنة, ويحصل البلوغ في الإناث بما يحصل به البلوغ في الذكور، وزيادة أمر رابع، وهو الحيضُ، فمتى حاضت فقد بلغت وإن لم تبلغ عشر سنين.
حج الصغير: يصح الحج من الصغير الذي لم يبلغ ,ويقوم بكل أعمال الحج ويتجنب محظورات الإحرام، فإذا فعل شيئاً منها فلا فدية عليه، ولا على وليِّه، ولا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام.
الشرط الرابع: الحرية، فلا يجب الحج على مملوك لعدم استطاعته.
الشرط الخامس: الاستطاعة بالمال والبدن، أو يملك الزاد والراحلة، وذلك بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج ذهاباً وإياباً ومع بقية النفقة اللازمة لإتمام الحج، ويكون هذا المال فاضلاً عن قضاء الديون الحالة أو غير المؤجلة، وفاضلا عن النفقات الواجبة عليه، وفاضلاً عن حاجته.
والمرأة يضاف لها شرط سادس يدخل ضمن الاستطاعة وهو: أن يكون للمرأة مَحْرَمٌ، فلا يجب أداء الحج على من لا محرم لها؛ لامتناع السفر عليها شرعاً، إذ لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج ولا غيره بدون محرم لورود الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك.
والحكمة في منع المرأة من السفر بدون محرم: صونُ المرأة عن الشر والفساد، وحمايتها من أهل الفجور والفسق؛ فإن المرأة قاصرةٌ في إدراكها للمخاطر، ولا تستطيع الدفاع عن نفسها، وهي مطمعُ الرجال، فربما تُخدع أو تُقهر، فكان من الحكمة أن تُمنع من السفر بدون محرم يُحافظ عليها ويصونها؛ ولذلك يُشترط أن يكون المَحرَم بالغاً عاقلاً، فلا يكفي المحرم الصغير أو المعتوه، وبعض النسوة تأتي للحج بدون محرم مع رفقة آمنة، فتلاقي من المصاعب والمتاعب ما الله به عليم، وتندم لا حقا على فعل ذلك، مع نقص في الأجر.
والمَحرَمُ زوج المرأة، وكل ذَكرٍ تَحرمُ عليه تحريماً مؤبداً بقرابةٍ أو رضاع أو مصاهرة
رابعاًـ الأمور التي ينبغي لمن سافر للحج (أوالعمرة) أن يعتني بها أو كيف يكون حجك مبرورا)):
1. الإخلاص: إخلاص النية لله، فلا يبتغي بعمله هذا السمعة والرياء، بل يريد به وجه الله والدار الآخرة، حتى يكون الحج مقبولا بنية صالحة، وهذا الشرط الأول لقبول العمل، والشرط الثاني أن يكون العمل موافقا لهدي سيد الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو لشريعة الإسلام، قال الله تعالى:( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف: 110.
2. الحرص على النفقة الطيبة، والحج من المال الحلال.
3. الحرص على مصاحبة الأخيار، وهؤلاء يساعدونك على التخلق بالأخلاق الفاضلة، ويعينونك أن يكون حجك مبرورا.
4. تعلم المناسك: فيتعلم الحاج ما ينفعه من مناسك الحج والعمرة, مع مراعاة أحكام وآداب السفر كالقصر والجمع والمسح على الخفين وغير ذلك، ويحرص على سؤال أهل العلم (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)النحل:43, حتى لا يقع في أعمال مخالفة تفسد حجه أو عمرته، أو تنقص من أجره، فقد صبر على عذاب السفر وتكبد المشاق والتعب وأنفق المال ثم يرتكب شيئا دون علم يجعله يغضب و يندم حيث لا ينفع الندم، ويجب عليه آلا يتجرأ على الفتوى بغير علم وتثبت.
5. المبادرة بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها، وإرجاع الحقوق لأصحابها, والتوبة مطلوبة في كل وقت وحين، ويشتد الطلب عليها لمن أراد الحج أو العمرة، فالحاج مقبل على الله، ويخرج في رحلة تذكره بالموت والدار الآخرة، فهو يغتسل ويلبس ملابس تشبه الكفن الذي سيدفن فيه، ويرجو أن يعود مغفوراً له كيوم ولدته أمه؛ فينبغي له الإقلاع عن الذنوب والندم على ما فات، والعزم الصادق على عدم العودة إلى الذنوب مرة أخرى، وإن عاد فباب التوبة مفتوح ولكن علينا بالمبادرة بالأعمال الصالحة، وتجنب المنكرات قبل أن يخطفنا الموت فهو يأتي بغتة، والعمل الصالح هو الذي ينفع الإنسان حينئذ.
6. الوصية والإشهاد عليها: وهي مطلوبة في كل وقت، ويشتد الطلب عليها قبل السفر وفي الحديث :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ " متفق عليه. {وللتوسع في بقية هذه الأمور، يمكن العودة لهذا الموضوع: حتى يكون حجك مبرورا.
النيابة في الحج: من استطاع السبيل إلى الحج ولكنه عجز عن الحج لكبر أو لمرض لا يرجى الشفاء منه, لزمه أن يقيم من يحج عنه ويعتمر, فصار كالميت فينوب عنه غيره, بشرط أن ينيب من قد حج عن نفسه أولا
خامساً ـ أركان الحج
1. الأول الإحرام: وهو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة, وهو الركن الأول في الحج أو العمرة. ويكون من الميقات. الركن الأول الإحرام: وهو نية الدخول في نسك الحج أو العمرة, وهو الركن الأول في الحج أو العمرة. ويكون من الميقات، وليس معنى الإحرام هو ارتداء ملابس الإحرام، بل الإحرام ـ وهو الركن أو الفرض ـ هو نية الدخول في النسك، أما أنه يجب أن يكون من الميقات فهو واجب من واجبات الحج،
2. والثاني الطواف بالبيت سبعة أشواط.
3. الثالث: السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط. وهذه الأركان الثلاثة هي المطلوبة في العمرة وهي تؤدى في أي وقت من العام, ويضاف للحج ركنه الأعظم وهو:
اركان الحج المختلف بها؟ الحلق اوالتقصير والترتيب بين معظم الاركان وهي عند البعض من واجبات الحج
سادسا : واجبات الحجّ المُتَّفق عليها
المَبيت بالمزلفة
قال الله -تعالى-: (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)، ويُراد بالمَشعر الحرام مُزدلفة، والمَبيت بها بعد الانصراف من عرفاتٍ واجبٌ من واجبات الحجّ باتّفاق أهل العلم، ويجب الدم بتركه، ويُؤدّي الحاجّ صلاتَي المغرب والعشاء جَمعاً وقَصراً فَور وصوله إلى مُزدلفة.
رَمْي جمرة العقبة
يرمي الحاجّ جمرة العقبة يوم النَّحر بسبع حَصَياتٍ؛ فيقف الحاجّ مُستقبِلاً الجَمرة، جاعلاً الكعبة إلى يساره، فيرمي حصاةً حصاةً، ويُكبّر عند كلّ واحدةٍ، ويقطع التلبية بمُجرَّد ويمتدّ وقت رَمْي جمرة العقبة إلى غروب شمس يوم العاشر من ذي الحِجّة؛ أيّ يوم النَّحر، أمّا الرَّمْي بعد غروب الشمس، فيجوز عند بعض العلماء؛ استدلالاً بما ورد عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُسْأَلُ يَومَ النَّحْرِ بمِنًى، فيَقولُ: لا حَرَجَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، قالَ: اذْبَحْ ولَا حَرَجَ وقالَ: رَمَيْتُ بَعْدَ ما أمْسَيْتُ، فَقالَ: لا حَرَجَ وعند بعض العلماء قالوا بعدم جواز رَمْي جمرة العقبة ليلاً، وإن لم يرمِ الحاجّ، فإنّه يُؤخّرها إلى ما بَعد زوال شمس اليوم التالي.
رَمْي الجمرات الثلاث
يرمي الحاجّ أيّام التشريق الجمرات الثلاث؛ الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ العقبة، وقد ثبتت مشروعيّة الرَّمْي بما ورد عن جابر بن عبدالله: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَرْمِي علَى رَاحِلَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ويقولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه)،ويكون الرَّمْي بعد زوال الشمس؛ استدلالاً بما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمي الجِمَارَ إذا زالتِ الشمسُ)، ويرمي الحاجّ كلّ جمرةٍ بسبع حَصَياتٍ مع التكبير، واستقبال القبلة، والدعاء، وذلك عند الصُّغرى والوُسطى فقط، دون العقبة، ومن عَجز ولم يستطع الرَّمْي؛ خوفاً على النفس، كالكبير، والمريض، والصغير، والمرأة الحامل، فإنّه يُباح له أن يُوكِّل شخصاً آخرَ بالرَّمْي عنه؛ قال -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)؛إذ إنّ الرَّمْي لا يُقضى؛ ولذلك جاز التوكيل فيه.
واجبات الحجّ المُختلَف فيها
الإحرام من الميقات
الفرق بين أركان الحجّ وواجباته
تتفرّع مناسك الحجّ إلى: أركان، وواجبات، وسُنَن، ومُستحَبّات؛ أمّا الأركان فلا يجوز التجاوز عنها أبداً، ولا يقوم شيءٌ مقامها، بينما يصحّ الحجّ إن تُرِكت الواجبات بسبب عُذرٍ ما، على أن يُجبَر تَركها بالفِدية، ولا يترتّب شيءٌ على الحاجّ بسبب ترك السُّنَن، وإن أتى بها فإنّ حجّه يكون تامّاً، وأجره كاملاً، وفيها اقتداء بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام.
وتُسَنّ عند الوقوف بعرفة عدّة أمورٍ، يُذكَر منها
الاغتسال قبل الوقوف بعرفة، والطهارة من أيّ حدثٍ أو خبثٍ؛ لإتمام العبادة على أتمّ وجهٍ.
إفطار يوم عرفة للحاجّ؛ ليتقوّى على أداء العبادة.
التوجُّه إلى عرفة عند طلوع الشمس، والنزول بمسجد نَمِرة، والصلاة فيه.
الخُطبة بالحُجّاج؛ لبيان أحكام الحَجّ لهم؛ من مشروعاتٍ، ومُبطلاتٍ، وغير ذلك.
جمع التقديم والقَصْر بين صلاتَي الظهر والعصر للحاجّ.
استقبال القبلة، والابتعاد عن كلّ ما يُشغل الحاجّ من أمور الدُّنيا، والإقبال على الله -تعالى- بكلّ خشوعٍ، وتذلُّلٍ، والتجاءٍ، وطلب الرضا والمغفرة منه.
الزيادة في الأدعية، والذِّكر، والعبادة، والمُبالغة في ذلك.
سادساً ـ المواقيت:� هي مجموعة من المواعيد الزمانية، والمكانية أو الأماكن التي شرعها الإسلام للإحرام منها لأداء الحج أو العمرة، وهذه المواقيت تتعلق أولاً بالركن الأول للحج أو العمرة، فيجب الإحرام من الميقات.�والمواقيت نوعان: زمانية ومكانية.�فالزمانية للحج خاصة في أشهره، أما العمرة فليس لها زمن معين لقوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) البقرة: 197 وهي ثلاثةٌ أشهر: شوال وذو القعدة وذو الحجة، فمن أحرم فيهن بالحج صح إحرامه، ولكن في شهر ذي الحجة العشر الأول منه، ولا يصح الإحرام في الحج إلا في هذه المواعيد أو الأزمنة المحددة.�وأما المواقيت المكانية فهي خمسة، وقّتها رسول الله كما في الحديث المتفق على صحته: "وَقَّتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لأهلِ المدينةِ ذا الحُلَيْفَةَ، ولأهلِ الشأْمِ الجُحْفَةَ، ولأهلِ نَجْدٍ قَرْنَ المنازلِ، ولأهلِ اليمنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَن أَتَى عليهن من غيرِ أهلِهِن، لِمَن كان يريدُ الحَجَّ والعمرةَ، فمن كان دونَهن فمُهَلُّهُ من أهلِهِ، وكذلك حتى أهلُ مكةَ يُهِلُّون منها".�فالأول: ذو الحليفة (ويعرف بأبيار علي)، بينه وبين مكة نحو 450كم، وهو ميقات أهل المدينة النبوية، ومن مرّ به من غيرهم. الثاني: الجحفة، وهي قرية قديمة بينها وبين مكة نحو 187كم، وقد خربت فصار الناس يُحرمون من رابغ بدلاً عنها، وهي ميقات أهل الشام، وأيضا أهل مصر، ومن مر بها من غيرهم إن لم يمروا بذي الحليفة قبلها، فإن مروا بها لزمهم الإحرام منها. الثالث: قرن المنازل: ويسمى (السيل الكبير)، وبينه وبين مكة نحو 90كم، وهو ميقات أهل نجد ومن مر به من غيرهم. الرابع: يلملم: وهو جبل أو مكان بتهامة، بينه وبين مكة نحو 50كم، ويسمى (السعدية) وهو ميقات أهل اليمن ومن مر به من غيرهم. الخامس: ذات عرق، ويسمى عند أهل نجد (الضريبة) بينها وبين مكة 94كم، وهي لأهل العراق ومن مر بها من غيرهم.�القادمون من بقية الأماكن: فمَن كان أقربَ إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه فَيُحرم منه، حتى أهل مكة يحرِمون من مكة، إلا في العمرة فيحرم من كان في الحَرَم من أدنى الحلّ أي من أقرب مكان خارج حدود الحرم، وهو التنعيم (يبعد قرابة 5كم من الحرم), ومن كان طريقه من غير هذه المواقيت، فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه.� فإن لم يُحاذِ ميقاتاً مثل أهل سواكنَ في السودان ومن يمر من طريقهم فإنهم يحرمون من جُدّة.�الإحرام في الطائرة: ولا يجوز لمن مر بهذه المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوزها إلا محرماً، وعلى هذا فإذا كان في الطائرة وهو يُريد الحج أو العمرة، وجب عليه الإحرام (وهو نية الدخول في النسك) إذا حاذى الميقات من فوقه، فيتأهب (في بيته أو في المطار بفعل سنن الإحرام) ويلبس ثياب الإحرام قبل محاذاة الميقات، فإذا حاذاه عقد نية الإحرام فوراً, ولا يجوز له تأخيره إلى الهبوط في جُدّة, ومن سيذهب للمدينة النبوية أولاً، فميقاته هو ذي الحليفة.�
سابعاً ـ أنواع الأنساك ثلاثة: و الحاج مخير بينها، وكلها جائزة والخلاف فقط في الأفضل ويتبين هذا بعد الحديث عنها:
الأول: التمتع بالعمرة إلى الحج، وهو أن يُحرم في أشهر الحج بالعمرة وحدها، ثم يفرغ منها بطواف السعي وتقصير شعر الرأس أو حلقه، وبذلك يتحلل، ويبقى حتى يحرم مرة أخرى يوم الثامن من ذي الحجة، وهذا أفضل الأنساك، لمن سيجلس فترة طويلة، فمن وصل في شوال أو ذي القعدة أو أوائل ذي الحجة، فالأفضل له أن يتمتع بأن يعتمر، ثم يحل من إحرامه، ثم يحرم للحج في وقته، حتى لا يظل مدة طويلة محرما، وإن فعل فهو جائز، وحتى لو نوى التمتع وهو في يوم الثامن من الحجة، أو التاسع فهو جائز أيضا.
الثاني: القران: وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، أو يُحرم بالعمرة أولاً، ثم يُدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة للعمرة والحج سعياً واحداً، ثم استمرّ على إحرامه حتى يُحل منه يوم العيد(العاشر من ذي الحجة). ويجوز أن يؤخر السعي عن طواف القدوم إلى ما بعد طواف الحج، لا سيما إذا كان وصوله إلى مكة متأخراً وخاف فوات الحج إذا اشتغل بالسعي.
الثالث: الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفرداً، فإذا وصل مكة طاف طواف القدوم، وسعى للحج،
واستمر على إحرامه حتى يحل منه يوم العيد(العاشر من ذي الحجة).
ويجوز أن يؤخر السعي إلى ما بعد طواف الحج كالقارن.
وبهذا تبين أن عمل المُفرد والقارن سواء، إلا أن القارن عليه الهديُ لحصول النُّسُكين له دون المفرد.
وأفضل هذه الأنواع: التمتع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وحثهم عليه، بل أمرهم أن يُحولوا نية الحج إلى العمرة من أجل التمتع؛ ولأنّ التمتُّع أيسر خصوصاً على الحاج الذي يذهب مبكراً، حيث يتمتع بالتحلل بين الحج والعمرة.
أما من ذهب متأخراً يوم السابع أو يوم التروية (الثامن من ذي الحجة) فالإفراد أو القران له أفضل. ويجوز إطلاق الإحرام دون تحديد, ثم يفعل واحداً من الثلاثة.
ولو أحرم بالعمرة في أشهر الحج، وحل منها ثم رجع إلى بلده وعاد منه مُحرماً بالحج وحده لم يكن متمتعاً لأنه أفرد الحج بسفر مستقل
وجوب الهدي: وهو ما يهدى (أو يذبح) من النعم (الإبل والبقر والغنم) تقرباً إلى الله تعالى، ويهدي(يذبح) المتمتع أو القارن إما سبع بدنة(جمل) أو سبع بقرة أو شاة.
والذي يجب به الهديُ هو التمتع والقِران ويستحب لغيرهما كالمعتمر والمفرد.
ولا يجب الهدي على المتمتع والقارن إلا بشرط ألا يكونا من حاضري المسجد الحرام، أي: لا يكونا من سكان مكة أو الحرم، فإن كانوا من سكان مكة أو الحرم فلا هدي عليهم.
من لم يجد الهدي: ومتى عَدِمَ المتمتع والقارن الهدي، أو لم يتمكن من سداد ثمنه بحيث لا يكونُ معه من المال إلا ما يحتاجه لنفقته ورجوعه فإنه يسقط عنه الهدي، ويلزمه الصوم؛ لقوله تعالى: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ، فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ، تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ، ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) البقرة :196.
ويجوز أن يصوم الأيام الثلاثة في أيام التشريق؛ وهي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة, ويجوز أن يصومها قبل ذلك، بعد الإحرام بالعمرة إذا كان يعرف من نفسه أنه لا يستطيع سداد ثمن الهدي, فمن صام الثلاثة بعد العمرة وقبل الحج فقد صامها في الحج.
ويتجنب الحاج صيام يوم التاسع من ذي الحجة (وفيه الوقوف بعرفة) ليتفرع للدعاء، وصيام يوم عرفة سنة لغير الحجاج، ولا يجوز للحجاج وغيرهم صيام يوم النحر وهو يوم عيد الأضحى (أي العاشر من ذي الحجة.
ويجوز أن يصوم هذه الثلاثة متوالية ومتفرقة، ولكن لا يؤخرها عن أيام التشريق. وأما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله إن شاء متوالية، وإن شاء متفرقة
تعريف محظورات الإحرام المحظور لغة هو اسم مفعول من حَظَرَ، وجمعه محظورات؛ وهو المُحرَّم، أو الممنوع، أمّا الإحرام، فقد عرّفه الفقهاء كالآتي لإحرام هو نيّة الدخول في الحجّ والعمرة، ويُسَنّ اقتران النيّة بالتلبية، فمن نوى دون تلبية، فإنّه يُعَدّ مُحرِماً واشترط بعض الفقهاء التلبية حتى يعد محرما.
أمّا محظورات الإحرام فتُعرَّف بأنّها: الممنوعات التي يُمنَع منها كلا الجنسيَن، أو أحدهما؛ بسبب الإحرام، وقد حظر الشرع بعض المُباحات حال الإحرام؛ لحِكمَ عديدة، منها: تذكير المُحرِم بالعبادة التي أَقدم عليها؛ فيتذلّل ويفتقر لله -عزّ وجلّ-، ويُربّي النفس على المُغايرة في حال العيش بين التقشُّف والترف؛ توافُقاً مع نَهج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وتعزيز مبدأ المساواة بين الناس؛ فلا فرق بين غنيّ وفقير في الحجّ، وإظهار استعداد المسلم لإكمال العبادات البدنيّة
المحظورات المُشتركة بين الرجال والنساء
الفِسق والجدال
الفِسق هو: الخروج عن طاعة الله -تعالى-، وإتيان المعاصي، وأشدّ ما يكون حُرمة في حال الإحرام، أمّا الجدال فهو: المُخاصمة؛ بأن يجادل المسلم صاحبه حتى يُغضبه، قال -تعالى-: (وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، والنَّهي عن الجِدال؛ أي النهي عن كلّ ما يُعين عليه من الإساءة في الأخلاق، أو المعاملات، ولا يُعَدّ ما يُحتاج إليه في الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر من الجِدال المحظور
الطِّيب
يحرُم استعمال الطِّيب، كالمسك، والعود، والكافور، والورس*، والزعفران لكلا الجنسَين حال الإحرام؛ سواء استعمله المُحرِم في تطييب ملبوسه من ثوب أو خفّ أو نَعل، أو في تطييب بدنه كلّه أو بعضه
الاكتحال بما فيه الطِّيب
أمّا الاكتحال بما ليس فيه طِيب فقد ذهب بعض الفقهاء إلى جوازه، وذهب البعض إلى حرمة ذلك وفيه فدية لغير ضرورة، أمّا إن كان للضرورة فلا فِدية عليه.
ويُكرَه شَمّ المُحرِم للطِّيب، أو حَمله باتّفاق الفقهاء جميعهم، وقد كره بعض الفقهاء المُكث بمكان فيه روائح عطريّة؛ سواءً قصدَ شَمّه، أم لم يقصد، وبعض الفقهاء قالوا بحُرمة ذلك إن قصدَ شَمّ الطِّيب، كمن يضع وردة على أنفه، أمّا إذا لم يقصد شمّه فلا حُرمة عليه.
قلم الأظافر وإزالة شَعر الرأس
يحرُم تقليم الأظافر للمُحرِم إلّا لعُذرٍ من كَسر، أو نحوه، فتجوز إزالته، ولا فِدية فيه بإجماع العلماء كما تحرم عليه إزالة شَعر رأسه، أو غيره بالقصّ، أو الحَلق، أو بغيرهما؛ لِما في ذلك من رفاهيّة تتنافى مع مظهر المُحرِم، قال -تعالى-: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)،أمّا إن تأذّى بشَعره؛ فتجوز له إزالته، وفيه الفِدية بإجماع العلماء؛ لقوله تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)،أمّا إن كان ما تأذّى به هو شَعر العين، جازت إزالته، ولا فِدية فيه عند جمهور الفقهاء
الجماع ودواعيه
يَحرُم الجماع في الفرج للمُحرِم بإجماع الفقهاء؛ لقوله -تعالى-: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)؛[والرفث: الجماع، ويكون الجماع مُفسِداً للحجّ والعمرة
الصَّيد
كلّ حيوان برّي مُتوحِّش يُؤكَل لحمه، وقد دلّ على حُرمة الصيد في الإحرام قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ)
ويَحرُم تملُّك الصيد لمَن كان مُحرِماً بأيّ طريقة من طرق التملُّك، كالبيع، والشراء، أو قبوله كهِبة، أو صدقة، أو وصيّة
يُستثنى من تحريم الصَّيد ما يلي:الحيوانات الخمسة الواردة، بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ ليسَ علَى المُحْرِمِ في قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ العَقُورُ).الحيوان المؤذي بطَبعه، كالأسد، والنمر، والفهد، وسائر السِّباع؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يقتلُ المُحْرِمُ السَّبعَ العادي).
الهَوامّ والحشرات؛ فقد ذهب جمهور الفقهاءإلى أنّها ليست من الصَّيد، ولا جزاء على من قَتلها، وذهب قليل من الفقهاء إلى القول بالجزاء على من قتل ما لم يكن مُؤذِياً منها.
وجاز للمحرم صَيد البحر مُطلَقاً؛ لقوله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ)، وذبح المواشي الإنسيّة، كالأنعام؛ من بقر، وإبل، وغنم، وكلّ طير لا يطير في الهواء، كالدجاج، والبطّ.لانها لاتدخل في تحريم الصيد.
قَطع شجر وحشيش الحَرَم
اتّفق الفقهاء على حُرمة قطع شجر الحَرم الذي أنبته الله -تعالى-؛ سواءً على المُحرم، أو غير المُحرم
المحظورات الخاصّة بالرجال
يَحرُم على المُحرِم لبس المَخيط، وهو: كل ما فُصِّل لسَتر البَدَن؛ سواء كان بخياطة، أم لا، وسواءً سترَ كلّ البَدن، أو بعضه، كالقميص، والسراويل، والعمامة، والخُفّ، والحذاء، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ، وَلَا الخُفَّيْنِ)، فان لبسه لزمته الفِدية، كما يحرم على المُحرم تغطية الرأس؛ كلّه، أو بعضه إلّا لعُذر، وله الاستظلال بشجرة، أو مِظلّة، أو غيرهما، بشرط أن لا يُلامس رأسَه شيء.
المحظورات الخاصّة بالنساء
يحرم على المرأة المُحرِمة أن تستر وجهها بالنقاب، وكفّيها بالقفّازين، قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)،إلّا أن تسترهما لعُذر؛ فجاز لها ذلك مع الفدية ويُستحَبّ للمرأة أن تُسدِل على وجهها غطاءً يستره عن الناس، واشترط بعض الفقهاء عدم مس وجهها وبعضهم اجازوه.
ارجو ان اكون قد وفقت في نقل هذه المعلومات الموجزة بقدر المستطاع وفيها من الخير والبركة مافيها ارجو ان تنال رضاكم وان يرزقنا الله تعالى واياكم الحج والعمرة وزيارة سيدنا محمد الحبيب الطبيب صلى الله تعالى عليه واله وصحبه وسلم امين يا ارحم الراحمين