Published using Google Docs
كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن العربي بشرح الشيخ صدر الدين محمد بن إسحاق القونوي
Updated automatically every 5 minutes

كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن العربي بشرح الشيخ صدر الدين محمد بن إسحاق القونوي

شرح الشيخ صدر الدين محمد بن إسحاق القونوي على كتاب الشجرة النعمانية

مقدمة محقق كتاب الشجرة النعمانية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

تقديم

الحمد للّه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي ليس كمثله شيء من حيث ذاته ، والسميع البصير من حيث أسماؤه وصفاته ، لا تدركه الأبصار من حيث خفاء بطونه ، ووجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، من حيث تجلّيات ظهوره ،عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ( 26 ) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ( 27 )[ الجن : 26 ، 27 ] .

وصلّى اللّه على سيدنا محمد سرّ الأسرار ومنبع الأنوار ، تجلّى له كل شيء وعرفه ، كما ثبت في الصحيح ،

فقد روى الترمذي في الجامع الصحيح عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال : « احتبس عنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس ، فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتجوز في صلاته .

فلما سلم دعا بصوته قال : « لنا على مصافكم كما أنتم ، ثم انفتل إلينا

 ثم قال : أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة ، إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدر لي ، فنعست في صلاتي حتى استثقلت ، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة ،

فقال : يا محمد .

قلت : لبيك رب .

قال فيم يختصم الملأ الأعلى ؟

قلت لا أدري قالها ثلاثا ، قال فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي . فتجلى لي كل شيء وعرفت ،

فقال : يا محمد ، قلت : لبيك رب قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟

قلت : في الكفارات قال : ما هن قلت : مشي الأقدام إلى الحسنات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء حين الكريهات . قال : فيم قلت إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة بالليل والناس نيام .

قال : سل قل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ، أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلي حبك » .

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إنّها حق فادرسوها ثم تعلموها »

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح . وقال صلى اللّه عليه وسلم

فيما رواه الإمام أحمد وغيره عن مكحول مرسلا : « من أخلص للّه أربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من فمه وعلى لسانه »

. وبعد ففي إطار مجموعة كتب التصوّف الإسلامي التي نقوم بتحقيقها وتنقيحها وتصحيحها ونشرها بأبهى حلّة خدمة للركن الثالث أركان الدين الإسلامي الكامل الذي هو الإحسان ؛ مقام التربية والسلوك إلى ملك الملكوت وعلام الغيوب مقام :

« أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك »

نقدم للقرّاء كتاب ( الشجرة النعمانية ) للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي الحاتمي رحمه اللّه تعالى ونفعنا بعلومه وأسراره ، وشرحه لتلميذه الشيخ صدر الدين القونوي . ألفها في الدولة العثمانية وذكر فيها ما يكون فيها وفي غيرها من أخبار وأحداث كونية طبيعية وسياسية وتحدث عن ظهور الإمام المهدي في آخر الزمان .

وبين الشيخ الأكبر محور موضوعات كتابه بقوله :

« موضوع هذا العلم الدلالة على قدرة الباري جلّ وعلا لكونه من جملة العلوم الباعثة عن أسرار القدر بما يشير إليه من الودائع المخزونة في كنوز الحروف التي عليها المدار ، فمن وفقه اللّه تعالى لفهم تلك الرموز الحرفية ، عرف جميع الأصول الجفرية المرتبطة بدلالات الاقترانات الفلكية ، المسلطة على أقطار الدائرة الكونية وحصول تأثيراتها في أركان الدائرة بالحوادث والوقائع المؤثرة في أحايينها وأناتها كائنة ما كانت » .

وممّا لا شك فيه أن كتب التصوف الإسلامي تساعد المريد على الاطلاع على الأحوال والمقامات ، التي يمرّ بها السالك إلى اللّه تعالى ، كما يطلع على الحكم والقواعد الصوفية ، التي يستلهم منها كيفية التحقق بأحكام مقام الإسلام وأنوار مقام الإيمان ، وأسرار مقام الإحسان ، وصولا إلى قوله تعالى :وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ( 99 )[ الحجر : 99 ] .

كل ذلك بإشراف ورعاية وتربية شيخه العالم بأمراض النفوس والقلوب ؛ وبالأدوية الشافية له من هذه الأمراض . لأنه ورث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم علوم وأسرار مقامات الدين الثلاث ؛ الإسلام والإيمان والإحسان ، الشريعة والطريقة والحقيقة ؛ الملك والملكوت والجبروت ، مصداقا

لقوله صلى اللّه عليه وسلم : « العلماء ورثة الأنبياء » .

وقوله صلى اللّه عليه وسلم : « إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم » .

ونرجو اللّه تعالى أن ينفعنا والمسلمين بما في هذه الكتب من الحب والإخلاص والصدق واليقين ، ومن أنوار أسرار ما تعبدنا للّه به على لسان نبيّه صلى اللّه عليه وسلم : مصداقا لقوله تعالى :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ( 21 )[ الأحزاب : 21 ] .

وقوله تعالى :وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ( 4 )[ النجم : 3 ، 4 ] وقوله تعالى :وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً( 69 ) [ النساء :69 ]

 للنال السعادة الحقيقية المتمثلة بمعرفة اللّه تعالى في الدنيا ، والنظر إلى وجهه الكريم في الآخرة مصداقا لقوله تعالى :وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ( 22 ) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ( 23 )[ القيامة : 22 ، 23 ] .

كتبه الشيخ الدكتور عاصم إبراهيم الكيالي الحسيني الشاذلي الدرقاوي

 

ترجمة شارح الشجرة النعمانية  صدر الدين القونوي

* هو الإمام محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي نسبة إلى بلدته قونية وكانت تحت حكم الرومان وهي الآن إحدى مدن جنوب تركيا .

* كان القونوي شافعي المذهب أكبري المشرب فهو من خواص تلاميذ الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي الحاتمي المقرّبين الذين أخذوا عنه ونشروا مذهبه . وربما يعود السبب في ذلك إلى عاملين ،

الأول : أنّ أمه أرسلته بعد وفاة والده وهو ما زال طفلا غرّا إلى الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي حيث درس على يديه الفقه وحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءات ، وسرعان ما تأثر بشيخه وبمذهبه الصوفي فزهد في زخارف الحياة الدنيا وانكبّ على التصوّف علما وعملا .

والثاني : أنّ الشيخ الأكبر تزوج أمه فشجعه ذلك على ملازمته حتى وفاته .

* جرت مكاتبات عديدة بين الشيخ صدر الدين القونوي والشيخ نصير الدين الطوسي في كثير من المسائل الفقهية التي عمّت معارفه في ميدان الفقه الإسلامي وخاصة المذهب الشافعي كما جرى بينهما مكاتبات في مسائل الطريقة والحقيقة .

* ترك القونوي العديد من الكتب القيّمة التي أثرت المكتبة الإسلامية في علمي الشريعة والحقيقة .

ومن كتبه : « إعجاز البيان في تفسير القرآن ، والنصوص في تحقيق الطور المخصوص ، واللمعة النورانية في مشكلات الشجرة النعمانية ، ومفتاح الغيب وشرح الأحاديث الأربعينية وشرح الأسماء الحسنى ، والرسالة الهادية والنفحات الإلهية القدسية ، والرسالة الرشيدية في أحكام الصفات الإلهية ، والرسالة المفصحة ، ولطائف الإعلام في إشارات أهل الإلهام ، وبرزخ البرازخ .

* ولد القونوي في بلدته قونية الواقعة جنوب تركيا وهو مجهول تاريخ الولادة ، وتوفي فيها سنة 673 ه 1275 م ودفن في أحد الزوايا التي أصبحت فيما بعد مقاما له يزار حتى يومنا هذا .

ترجمة الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي

نسبه

هو محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد اللّه الحاتمي من ولد عبد اللّه بن حاتم أخي عديّ بن حاتم من قبيلة طيّ مهد النبوغ والتفوق العقلي في جاهليّتها وإسلامها . يكنى أبا بكر ويلقب بمحيي الدين ، ويعرف بالحاتمي وبابن عربي لدى أهل المشرق تفريقا بينه وبين القاضي أبي بكر بن العربي .

مولده ونشأته :

ولد في يوم الاثنين السابع عشر من رمضان عام خمسمائة وستين هجرية الموافق 28 يولية سنة ألف ومائة وخمس وستين ميلادية في مدينة « مرسية » بالأندلس ، وهي مدينة أنشأها المسلمون في عهد بني أمية .

وكان أبوه علي بن محمد من أئمة الفقه والحديث ، ومن أعلام الزهد والتقوى والتصوف .

وكان جده أحد قضاة الأندلس وعلمائها ، فنشأ نشأة تقيّة ورعة نقيّة من جميع الشوائب الشائبة .

وهكذا درج محيي الدين في جو عامر بنور التقوى ، فيه سباق حر مشرق نحو الشرفات العليا للإيمان ، وفيه عزمات لرجال أقوياء ينشدون نصرا وفوزا في محاريب الهدى والطاعة .

وانتقل والده إلى إشبيلية ، وحاكمها إذ ذاك السلطان محمد بن سعد ، وهي عاصمة من عواصم الحضارة والعلم في الأندلس ، وفيها شب محيي الدين ودرج .

وما كاد لسانه يبين حتى دفع به والده إلى أبي بكر بن خلف عميد الفقهاء ، فقرأ عليه القرآن الكريم بالسبع في كتاب « الكافي » ، فما أتم العاشرة من عمره حتى كان مبرزا في القراءات ملهما في المعاني والإشارات .

ثم أسلمه والده إلى طائفة من رجال الحديث والفقه ، يذكرهم لنا الإمام شمس الدين بن مسدي في روايته عن محيي الدين فيقول واصفا متحدثا عن أساتذته الأول : « كان جميل الجملة والتفصيل ، محصلا لفنون العلم أخص تحصيل ، وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق ، والتقدم الذي لا يسبق ، سمع في بلاده في شبابه الباكر من ابن زرقون ، والحافظ ابن الجد ، وأبي الوليد الحضرمي ، الشيخ أبي الحسن بن نصر » .

ثم لا يذكر لنا التاريخ بعد ذلك شيئا ذا بال عن شباب محيي الدين ، ولا عن شيوخه ، ومقدار ما حصل من العلوم والفنون ؛ وإنما هو يحدثنا أنه مرض في شبابه مرضا شديدا .

وفي أثناء شدة الحمى رأى في المنام أنه محوط بعدد ضخم من قوى الشر ، مسلحين يريدون الفتك به .

وبغتة رأى شخصا جميلا قويا مشرق الوجه ، حمل على هذه الأرواح الشريرة ففرّقها شذر مذر ، ولم يبق منها أي أثر ، فيسأله محيي الدين من أنت ؟ فقال له : أنا سورة يس .

وعلى أثر هذا استيقظ فرأى والده جالسا إلى وسادته يتلو عند رأسه سورة يس .

ثم لم يلبث أن برئ من مرضه ، وألقي في روعه أنه معدّ للحياة الروحية ، وآمن بوجود سيره فيها إلى نهايتها ففعل .

وفي طليعة هذا الشباب المزهر بفضل ثروة أسرته تزوج بفتاة تعتبر مثالا في الكمال الروحي والجمال الظاهري وحسن الخلق ، فساهمت معه في تصفية حياته الروحية ، بل كانت أحد دوافعه إلى الإمعان فيها .

وفي هذه الأثناء كان يتردد على إحدى مدارس الأندلس التي تعلم سرا مذهب الأمبيذ وقلية المحدثة المفعمة بالرموز والتأويلات والموروثة عن الفيثاغورية والأورفيوسية والفطرية الهندية .

وكانت هذه المدرسة هي الوحيدة التي تدرس لتلاميذها المبادئ الخفية والتعاليم الرمزية منذ عهد ابن مسرة المتوفى بقرطبة في سنة 319 هـ - 931 م والذي لم يعرف المستشرقون مؤلفاته إلّا عن طريق محيي الدين .

وكان أشهر أساتذة تلك المدرسة في ذلك القرن ابن العريف المتوفى في سنة 1141 م فلم يره محيي الدين ، ولكنه تتلمذ على منتجاته وعلى رواية تلميذه المباشر وصديق محيي الدين الوفي أبي عبد اللّه الغزال .

ومما لا ريب فيه أن استعداده الفطري ونشأته في هذه البيئة التقية ، واختلافه إلى تلك المدرسة الرمزية ، كل ذلك قد تضافر على إبراز هذه الناحية الروحية عنده في سن مبكرة وعلى صورة ناصعة لا تتيسر للكثيرين ممن تشوب حياتهم الأولى شوائب الغرائز والنزوات .

فلم يكد يختم الحلقة الثانية من عمره حتى كان قد انغمس في أنوار الكشف والإلهام ، ولم يشارف العشرين حتى أعلن أنه جعل يسير في الطريق الروحاني بخطوات واسعة ثابتة ، وأنه بدأ يطلع على أسرار الحياة الصوفية ، وأن عددا من الخفايا الكونية قد تكشف أمامه ، وأن حياته منذ ذلك العهد المبكر لم تعد سوى سلسلة من البحث المتواصل عما يحقق الكمال لتلك الاستعدادات الفطرية التي تنير أضواؤها جوانب عقله وقلبه .

ولم يزل عاكفا على ذلك النشاط الروحاني حتى ظفر بأكبر قدر ممكن من الأسرار .

ولم تكن آماله في التغلغل إلى تلك الأسرار وبحوثه عن وسائلها الضرورية تقف عند حد ، لأنه أيقن منذ نعومة أظفاره بأنه مؤمن بمبادىء عقيدة حقيقية أزلية مرت بجميع الأزمان الكونية ، وطافت بكل الأجناس البشرية متممة ما فيها من نقص وقصور ، وأنها جمعت كل الروحانيات في الوحدة الفطرية التي تتمثل من حين إلى آخر في صور تنسكية رفيعة تبدو على مسرح الإنسانية ردحا من الزمن ثم تختفي ، ولا يدرك حقيقتها إلا القليلون .

وأكثر من ذلك أنه حين كان لا يزال في قرطبة قد تكشف له من أقطاب العصور البائدة عدد من حكماء فارس والإغريق كفيثاغورس ، وأمبيذوقليس ، وأفلاطون ومن إليهم ممن ألقيت على كواهلهم مسؤولية القطبية الروحية في عصورهم المتعاقبة قبل ظهور الإسلام .

وهذا هو السبب في أنه قد شغف بأن يطلع على جميع الدرجات التنسكية في كل الأديان والمذاهب عن طريق أرواح رجالها الحقيقيين بهيئة مباشرة ، وبصورة مؤسسة على الشرف العلمي الذي يحمل الباحث النزيه على الاعتماد عليه دون أدنى تردد أو ارتياب .

غير أن هذه السكينة الروحانية التي بدأت لدى هذا الشاب مبكرة والتي كانت ثمارها فيما بعد تتمثل في تلك المعرفة التي أشرنا إليها آنفا ، لم تدم طويلا على حالة واحدة ، إذ أنه لم يلبث أن تبين أول الأمر بالإلهام ، ثم عن طريق الكشف الجلي أنه لم يعد له بدّ - في تلك البيئة المغربية إذ ذاك - من أحد أمرين : 

إما أن يجاري التيار العام الذي كان يحدق به إحداق السوار بالمعصم ، وهو أن يتقيد في جميع أفكاره وتعقلاته وأحاسيسه ومشاعره وحركاته وسكناته بحرفية الدين التي لا روح فيها ولا حياة ولا سرّ ولا رمز ولا تأويل ، وبهذا تختفي شخصيته الحقيقية وتفشل رسالته الطبيعية ، وهذا شيء لا يستطيعه بأي حال .

وإما أن يسير على فطرته وحسب تكوين عقله وقلبه فيصطدم في كل خطوة من خطواته من أهل الحل والعقد في البلاد .

وقد حدث ذلك فعلا حيث احتدمت بينه وبين بعض الأمراء الموحدين مجادلات عنيفة ، وحيكت حوله دسائس قوية اتهمته بإحداث اضطراب في سياسة الدولة .

وإذ ذاك رأى في حالة اليقظة أنه أمام العرش الإلهي المحمول على أعمدة من لهب متفجر ، ورأى طائرا بديع الصنع يحلق حول العرش ويصدر إليه الأمر بأن يرتحل إلى الشرق وينبئه بأنه سيكون هو مرشده السماوي ، وبأن رفيقا من البشر يدعى فلانا ينتظره في مدينة فاس ، وأن هذا الأخير قد أمر هو أيضا بهذه الرحلة إلى الشرق ، ولكنه يجب ألا يرتحل قبل أن يجيء إليه رفيق من الأندلس ، فيفعل ما أمر به ويرتحل بصحبة هذا الرفيق .

وفيما بين سنتي 597 ، 620 هـ - 1200 ، 1223 م يبدأ رحلاته الطويلة المتعددة إلى بلاد الشرق فيتجه في سنة 1201 م إلى مكة فيستقبله فيها شيخ إيراني وقور جليل عريق المحتد ممتاز في العقل والعلم والخلق والصلاح . وفي هذه الأسرة التقية يلتقي بفتاة تدعى « نظاما » وهي ابنة ذلك الشيخ ، وقد حبتها السماء بنصيب موفور من المحاسن الجسميّة ، والميزات الروحانية الفائقة ، فاتخذ منها محيي الدين رمزا ظاهريا للحكمة الخالدة ، وأنشأ في تصوير هذه الرموز قصائد سجلها في ديوان ألفه في ذلك الحين .

وفي هذه البيئة النقية المختارة له من قبل سطعت مواهبه العقلية والروحية ، وتركزت حياته الصوفية ، وجعلت تصعد في معارج القدس شيئا فشيئا حتى بلغت شأوا عظيما .

ومن ذلك أنه في إحدى طوفاته التأملية والبدنية بالكعبة يلتقي من جديد بمرشده السماوي الذي أمره سالفا بالهجرة من الأندلس والمغرب إلى الأصقاع الشرقية ، فيتلقى منه الأمر أيضا بتأليف كتابه الجامع الخالد « الفتوحات المكية » الذي ضمنه أكثر وأهم آرائه الصوفية والعقلية ومبادئه الروحية ، والذي لا يتطاول إلى قمته في عصره أي كتاب آخر فيما نعلم من إنتاج هذا الصنف من المتنسكين .

وفي سنة 1204 م يرتحل إلى الموصل حيث تجتذبه تعاليم الصوفي الكبير علي بن عبد اللّه بن جامع الذي تلقى لبس الخرقة عن الخضر مباشرة ، ثم ألبس محيي الدين إياها بدوره .

وفي سنة 1206 م نلتقي به في القاهرة مع فريق من الصوفية الذي يطبقون حياة تنسكية قوية محافظة .

وهنا يظهر له رائد سماوي يأمره بإدخال شيء من الكمال على مذهبه ، ولكنه لا يكاد يفعل حتى يتنمر له عدد من الفقهاء يحيكون حوله وحول أصحابه شباكا من الدسائس تهدّد اطمئنانهم بل حياتهم ، ولولا نفود أحد أصدقائه لوقع في ذلك الخطر ، ولكنه لحسن حظه يستطيع أن ينجو بنفسه ويفر إلى مكة في سنة م فيلتقي فيها بأصدقائه القدماء الأوفياء ، ويقيم بينهم في هدوء وسكينة نحو ثلاثة أعوام ، ثم يرتحل إلى قونية بتركيا حيث يتلقاه أميرها السلجوقي باحتفال بهيج .

وهناك يتزوج بوالدة صدر الدين القونيوي ، وهو أحد تلاميذه المفضلين ثم لا يلبث أن يرتحل إلى أرمينيا ، ومنها إلى شاطىء الفرات .

وفي سنة 1211 م نلتقي به في بغداد حيث يتصل بالصوفي المعروف شهاب الدين عمر السهروردي .

وفي سنة 1214 م يعود إلى مكة ولا يكاد يستقر فيها حتى يجد أن عددا من فقهائها المنافقين الدساسين قد جعلوا يشوهون سمعته ويرمونه بأن قصائده التي نشرها في ديوانه الرمزي منذ ثلاثة عشر عاما كانت تصور غرامه المادي الواقعي بالفتاة « نظام » ابنة صديقه الشيخ الإيراني التي أشرنا آنفا إلى أنه اتخذ منها رمزا نقيا للحكمة الخالدة .

وعندما تبيّن هذه التهمة الرخيصة وعرف مصادرها الحقيقية حمل عليها وعلى واضعيها حملة قوية كشفت زيفها للجميع بصورة جعلت القائمين بها يعترفون بأخطائهم ويعتذرون إليه عنها .

وبعد ذلك يرتحل إلى حلب فيقيم بها ردحا من الزمن معززا مكرما من أميرها .

وأخيرا يلقي عصا التسيار في دمشق في سنة 1223 م حيث كان أميرها أحد تلاميذه المؤمنين بعلمه ونقائه ويظل بها يؤلف ويعلم ، ويخرج التلاميذ والمريدين يحوطه الهدوء وتحف به السكينة حتى يتوفى بها في 28 ربيع الثاني من سنة 638 هـ الموافق 16 نوفمبر من سنة 1240 م .

 

مؤلفاته وشيوخه

 قال الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني في كتابه « جامع كرامات الأولياء » ضمن ترجمته للشيخ ابن العربي :

وقد اطلعت له على إجازة أجاز بها الملك المظفر ابن الملك العادل الأيوبي ، ذكر فيها كثيرا من مشايخه ومؤلفاته ، ولتمام الفائدة أذكرها هنا بحروفها فأقول :

قال رضي اللّه عنه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، وبه نستعين :

أقول وأنا محمد بن عليّ بن العربي الطائي الأندلسي الحاتمي ، وهذا لفظي : استخرت اللّه تعالى ، وأجزت السلطان الملك المظفر بهاء الدين غازي ، ابن الملك العادل المرحوم إن شاء اللّه تعالى أبي بكر بن أيوب وأولاده ، ولمن أدرك حياتي الرواية عني في جميع ما رويته عن أشياخي ، من قراءة وسماع ومناولة وكتاب وإجازة ، وجميع ما ألفته وصنفته من ضروب العلم ، وما لنا من نثر ونظم على الشرط المعتبر بين أهل هذا الشأن ، وتلفظت بالإجازة عند تعبيري هذا الخط ، وذلك في غرة محرم سنة 632 بمحروسة دمشق وكان قد سألني في استدعائه أن أذكر من أسماء شيوخي ما يتسر لي ذكره منهم ، وبعض مسموعاتي ، وما تيسر من أسماء مصنفاتي ، فأجبت استدعاءه نفعه اللّه تعالى بالعلم ، وجعلنا وإياه من أهله ، إنه وليّ كريم .

فمن شيوخنا أبو بكر بن أخلف اللخمي ، قرأت عليه القرآن الكريم بالقراءات السبع بكتاب الكافي لأبي عبد اللّه محمد بن شريح الرعيني في مذاهب القراء السبعة المشهورين ، وحدثني عن ابن المؤلف .

ومن شيوخنا في القراءة أبو الحسن شريح بن محمد بن محمد بن شريح الرعيني ، عن أبيه المؤلف .

ومن شيوخنا في القرآن أيضا أبو القاسم عبد الرحمن بن غالب الشراط ، من أهل قرطبة ، قرأت عليه أيضا القرآن الكريم بالكتاب المذكور وحدثني أيضا عن ابن المؤلف أبي الحسن شريح عن أبيه المؤلف محمد بن شريح المقري .

ومن شيوخنا القاضي أبو محمد عبد اللّه البازلي قاضي مدينة فاس ، حدثني بكتاب « التبصرة في مذاهب القراء السبعة » لأبي محمد مكي المقري عن أبي بحر سفيان ابن القاضي ، عن المؤلف بجمع تآليف مكي أيضا ، وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي حمزة ، سمعت عليه كتاب التيسير في مذاهب القراء السبعة لأبي عمرو عثمان بن أبي سعيد الداني المقري ، حدثني به عن أبيه عن المؤلف وبجميع تآليف الداني وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا القاضي أبو عبد اللّه محمد بن سعيد بن دربون ، سمعت عليه كتاب البقعي لأبي عمر يوسف بن عبد البر النميري الشاطبي ، وحدثني به عن أبي عمران موسى بن أبي بكر ابن المؤلف وبجميع تآليفه مثل الاستذكار ، والتمهيد ، والاستيعاب ، والانتقاء ، وأجاز لي إجازة عامة في الروايتين ، أجاز لي أن أرويه عنه وجميع تآليفه .

ومن شيوخنا المحدث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد اللّه الإشبيلي ، حدثني بجميع مصنفاته في الحديث ، وعين لي من أسمائها تلقين المبتدي ، والأحكام الصغرى والوسطى والكبرى ، وكتاب العاقة ونظمه ونثره ، وحدثني الإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم عن أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح ، عنه .

ومن شيوخنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني ، سمعت عليه صحيح مسلم حدثني به عن الفراوي عن عبد الغفار الجلودي ، عن إبراهيم المروزي عن مسلم ، وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا يونس بن يحيى أبي الحسن العباسي الهاشمي ، نزل مكة سمعت عليه كتبا كثيرة في الحديث والرقائق ، منها كتاب صحيح البخاري .

ومن شيوخنا المكيين أبو شجاع زاهد بن رستم الأصفهاني إمام المقام بالحرم ، سمعت عليه كتاب الترمذي لأبي عيسى ، حدثني به عن الكرخي عن الخزاعي المحبوبي عن الترمذي ، وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا البرهان نصر بن أبي الفتوح بن عمر الحصري إمام مقام الحنابلة بالحرم الشريف ، سمعت عليه كتبا كثيرة منها السنن لأبي داود السجستاني ، حدثني بها ، عن أبي جعفر بن عليّ بن السمناني ، عن أبي بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب ، عن أبي عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي البصري ، عن أبي علي محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي ، عن أبي داود ، وأجاز لي إجازة عامة .

وحدثني بكتب ابن ثابت الخطيب عن أبي جعفر السمناني .

ومن شيوخنا سالم بن رزق اللّه الإفريقي ، سمعت عليه كتاب المعلم بفوائد مسلم للمازري ، حدثني به عنه وبجميع مصنفاته وتآليفه ، وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا محمد أبو الوليد بن أحمد بن محمد بن سبيل ، قرأت عليه كثيرا من تآليفه ، وناولني كتاب « نهاية المجتهد وكفاية المقتصد » والأحكام الشريفة من تأليفه .

ومن شيوخنا أبو عبد اللّه بن العزي الفاخري ، وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا أبو سعيد عبد اللّه بن عمر بن أحمد بن منصور الصفا ، حدثني بكتب الواحدي كتابة عبد الجبار محمد بن أحمد الحواري عنه .

ومن شيوخنا أبو الوابل بن العربي ، سمعت عليه سراج المهتدين للقاضي ابن العربي ابن عمه ، حدثني به عنه ، وأجازني إجازة عامة .

ومن شيوخنا أبو الثناء محمود بن المظفر اللبان ، حدثني بكتب ابن خميس عنه .

ومنهم : محمد بن محمد بن محمد البكري ، سمعت عليه رسالة القشيري ، وحدثني بها عن أبي الأسعد عبد الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ، عن جده عبد الكريم ، المؤلف ، وأجازني إجازة عامة .

ومنهم : ضياء الدين عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة شيخ الشيوخ ببغداد ، أجازني إجازة عامة ، وأخذ عني وأخذت عنه ، وسمعت عليه بمدينة باب السلام بحضور ابنه عبد الرزاق .

ومنهم : أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني القزويني ، حدثني بتآليف البيهقي وأجازني إجازة عامة .

ومنهم : أبو طاهر أحمد بن محمد بن إبراهيم وأجازني إجازة عامة .

ومنهم : أبو طاهر السلفي الأصبهاني ، أجازني إجازة عامة ، وهو يروي عن أبي الحسن شريح بن عمرو بن شريح الرعيني المقري ، أجازني وكتب إليّ أن أروي عنه كتب عبد الرحمن السلمي ، وحدثني عن محمد نصار البيهقي عنه .

ومنهم : جابر بن أيوب الحضرمي ، أجازني إجازة عامة ، وهو يروي عن أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني المقري .

وممن أجازني إجازة عامة محمد بن إسماعيل بن محمد القزويني ، والحافظ الكبير ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق .

ومنهم : أبو القاسم خلف بن بشكوال .

ومنهم : القاسم بن علي بن الحسن بن هبة اللّه بن عبد اللّه بن الحسن الشافعي .

ومنهم : يوسف بن الحسن بن أبي النقاب بن الحسين وأخوه أبو العباس أيضا ، وأجازنا أبو القاسم ذاكر بن كامل بن غالب .

ومنهم : محمد بن يوسف بن علي الغزنوي الخفّاف .

ومنهم : أبو حفص عمر بن عبد المجيد بن عمر بن حسن بن عمر بن أحمد القرشي المياستي .

ومنهم : أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحافظ ، كتب إليّ بالرواية عنه بجميع تآليفه ونظمه ونثره وسمى لنا من كتبه « صفوة الصفوة » و « مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن » . وغير ذلك .

ومنهم : أبو بكر بن أبي الفتح الشيخاني .

ومنهم : المبارك بن علي بن الحسين الطباخ .

ومنهم : عبد الرحمن ابن الأستاذ ، المعروف بابن علوان .

ومنهم : عبد الجليل الزنجاني .

ومنهم : أبو القاسم هبة اللّه بن علي بن مسعود بن شداد الموصلي .

ومنهم : أحمد بن أبي منصور .

ومنهم : محمد بن أبي المعالي عبد اللّه بن موهب بن جامع بن عبدون البغدادي الصوفي يعرف بابن الثناء .

ومنهم : محمد بن أبي بكر الطوسي .

ومنهم : المهذب بن علي بن هبة اللّه الطيب الضرير .

ومنهم : ركن الدين أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن عبد القاهر الطوسي الخطيب ، وأخوه شمس الدين أبو عبد اللّه .

ومنهم : القرماني ببغداد .

ومنهم : ثابت بن قرة الحاوي ، قرأت عليه من كتبه وتآليفه ، ووقفها بروايتها بمسجد العمادين الجلادين بالموصل .

ومنهم : عبد العزيز بن الأخضر .

ومنهم : أبو عمر عثمان بن أبي يعلى بن أبي عمر الأبهري الشافعي من أولاد البراء بن عازب .

ومنهم : سعيد بن محمد بن أبي المعالي .

ومنهم : عبد الحميد بن محمد بن علي بن أبي المرشد القزويني .

ومنهم : أبو النجيب القزويني .

ومنهم : محمد بن عبد الرحمن بن عبد الكريم الفاسي ، قرأت عليه جميع مصنفاته .

ومنهم : أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن الحسين الرازي .

ومنهم : أحمد بن منصور الجوزي .

ومنهم : أبو محمد بن إسحاق بن يوسف بن علي .

ومنهم : أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحجري .

ومنهم : أبو الصبر أيوب بن أحمد المقري .

ومنهم : أبو بكر محمد بن عبيد السكسكي .

ومنهم : ابن مالك ، حدثني بمقامات الحريري عن مصنفها .

ومنهم : عبد الودود بن سمحون قاضي النبك .

ومنهم : عبد المنعم بن القرشي الخزرجي .

ومنهم : علي بن عبد الواحد بن جامع .

ومنهم : أبو جعفر بن يحيى الورعي .

ومنهم : ابن هذيل .

ومنهم : أبو زيد السهيلي ، حدثني بالروض الأنف في شرح السيرة والمعارف والأعلام وجميع تآليفه .

ومنهم : أبو عبيد اللّه بن الفخار المالقي المحدث .

ومنهم : أبو الحسن بن الصائغ الأنصاري .

ومنهم : عبد الجليل مؤلف المشكل في الحديث وشعب الإيمان .

ومنهم : أبو عبد اللّه بن المجاهد .

ومنهم : أبو عمران موسى بن عمران المزيلي .

ومنهم : الحاج محمد بن علي ابن أخت أبي الربيع المقومي .

ومنهم : عليّ بن النضر . ولولا خوف الملال وضيق الوقت لذكرنا جميع من سمعنا عليه ولقيناه .

وها أنا أذكر من تآليفي ما تيسّر فإنها كثيرة ، وأصغرها جرما كراسة واحدة ، وأكبرها ما يزيد على مائة مجلد وما بينهما .

فمن ذلك كتاب المصباح في الجمع بين الصحاح في الحديث . اختصار مسلم .

اختصار البخاري . اختصار الترمذي ، اختصار المحلى . الاحتفال فيما كان عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من سني الأحوال .

وأما الحقائق في طريق اللّه تعالى التي هي نتائج الأعمال ، فمن ذلك وهو السابع كتاب من تصانيفنا « الجمع والتفصيل في أسرار معاني التنزيل » أفرغ في أربعة وستين مجلدا إلى قوله تعالى في سورة الكهف :وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ[ الكهف :60 ] .

 الجذوة المقتبسة والخطرة المختلسة . مفتاح السعادة في معرفة الدخول إلى طريق الإرادة . المثلثات الواردة في القرآن العظيم . الأجوبة عن المسائل المنصورة .

متابعة القطب . مناهج الارتقا إلى افتضاض أبكار النقا بجنان اللقا ، يحوي ثلاثة آلاف مقام في طريق اللّه تعالى على ثلاثمائة باب ، كل باب عشرة مقامات ، كنه ما لا بد للمريد منه . المحكم في المحكم وأذان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . الخلاف في آداب الملإ الأعلى . كشف الغين : سرّ أسماء اللّه الحسنى . شفاء العليل في إيضاح السبيل . عقلة المستوفز جلاء القلوب . التحقيق في الكشف عن سرّ الصديق . الإعلام بإشارات أهل الأوهام والإفهام في شرحه . السراج الوهاج في شرح كلام الحلاج . المنتخب في مآثر العرب . نتائج الأفكار وحدائق الأزهار . الميزان في حقيقة الإنسان . المحجة البيضاء .

كنز الأبرار فيما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم من الأدعية والأذكار . مكافأة الأنوار فيما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم عن اللّه تعالى من الأخبار . الأربعين المتقابلة الأحاديث الأربعين في الطول .

العين . التدبيرات الإلهية في إصلاح المحاكمة الإنسانية تعشق النفس بالجسم . إنزال الغيوب على سائر القلوب . أسرار قلوب العارفين . مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية . الخلاء . المنهج السديد في شرح أنس المنقطعين . الموعظة الحسنة .

البغية . الدرة الفاخرة في ذكر من انتفعت به طريق الآخرة من إنسان وحيوان ونبات ومعدن . المبادي والغايات فيما في حروف المعجم من الآيات . مواقع النجوم .

الإنزالات . الموجود . حلية الأبدال . أنوار الفجر . الفتوحات المكية عشرون مجلدا .

تاج التراجم . الفحوص . الرصوص . الشواهد . القطب والإمامين . روح القدس .

التنزلات الموصلية . إشارات القرآن في العالم والإنسان . القسم الإلهي . الأقسام الإلهية . الجمال والجلال . المقنع في إيضاح السهل الممتنع . شروط أهل الطريق .

الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار . عنقاء مغرب . عقائد أهل علم الكلام .

الإيجاد والكون . الرسائل والإشارات في الأسرار . الإلهيات والكتابات . الحجة . إنشاء الجداول والدوائر . الأعلاق في مكارم الأخلاق . روضة العاشقين . الميم والواو والنون . المعارف الإلهية وهو الديوان . المبشرات . الرحلة . العوالي في أسانيد الأحاديث . الأحدية . الهوية الرحمية . الجامع وهو كتاب الجلالة العظيمة . المجد .

الديمومة . الجود . القيومية . الإحسان . الفلك والسعادة . الحكمة . العزة . الأزل .

النون . الإبداع . الخلق والأمر . القدم . الصادر والوارد . الملك . الوارد والواردات .

القدس . الحياة . العلم . المشتبه . الفهوانية . الرقم . العين . المياه . ركن المدائن .

المبادي . الزلفة . الرقيم . الدعاء . الإجابة . الرمز . الرتبة . البقاء . القدرة . الحكم والشرائع . الغيب . مفاتيح الغيب الخزائن العلمية . الرياح اللواقح . الريح العقيم .

الكنز . التدبير والتفصيل . اللذة والألم . الحق . الحمد . المؤمن والمسلم والمحسن .

القدر . الشأن . الوجود . التحويل . الوحي . الإنسان . التركيب . المعراج . الروائح والأنفاس . الملل . الأرواح . النحل ، البرزخ . الحسن . القسطاس . القلم . اللوح .

التحفة والعرافة . المعرفة . الأعراف . زيادة كبد النون . الإسفار في نتائج الأسفار .

الأحجار المتفجرة والمتشققة والهابطة . الجبال . الطبق . النمل . العرش . مراتب الكشف . الأبيض . الكرسي . الفلك المشحون . الهباء . الجسم . الزمان . المكان .

الحركة . العالم . الآباء العلويات والأمهات السفليات . النجم والشجر . سجود القلب .

الرسالة والنبوة والمعرفة والولاية . الغايات التسعة عشر . الجنة . النار . الحضرة .

المناظرة بين الإنسان الكامل . التفضيل بين الملك والبشر . المبشرات الكبرى .

محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار . الأولين . العبادة . ما يعول عليه وهو كتاب النصائح . إيجاز اللسان في الترجمة عن القرآن . المعرفة . شرح الأسماء . الذخائر والأعلاق . الوسائل . النكاح المطلق . فصوص الحكم . نائج الأذكار . اختصار السيرة النبوية المحمدية . اللوامح . اللوائح . الاسم والرسم . الفصل والوصل . مراتب العلوم . الوهب . انتقاش النور . النحل . الوجد . الطالب والمجذوب . الأدب .

الحال . الشريعة والحقيقة . التحكم والشطح . الحق . المخلوق . الإفراد وذوو الأعداد . الملامية . الخوف والرجاء . الفيض والبسط . الهبة والأنس . اللسانين .

التواصي الليلية . الفناء والبقاء . الغيبة والحضور . الصحو والسكر . التجليات . القرب والبعد . المحو والإثبات . الخواطر . الشاهد والمشاهد . الكشف . الولد . التجريد والتفريد . العزة والاجتهاد . اللطائف والعوارف . الرياضة والتجلي . المحق والسحق .

التودد والهجوم . التلوين والتمكين . اللمة والهمة . العزة والغيرة . الفتوح والمطالعات .

الوقائع . الحرف المعني . التدني والتدلي . الرجعة . الستر والخلوة . النون . الختم والطبع . انتهت ، ولعزتها ذكرتها هنا فإنها من أعظم كراماته رضي اللّه عنه ، فلم أخرج بذكرها عن الصدد الذي ألف الكتاب لأجله ، وقد رأيت كتابا مستقلا في ذكر مؤلفاته وفيه كثير منها لم يذكر هنا في هذه الإجازة ، وكانت وفاته رضي اللّه عنه سنة 638 .

الشّجرة النّعمانيّة

بشرح صدر الدّين محمّد بن إسحاق القونوي تأليف الشّيخ الأكبر محيي الدّين محمّد بن علي بن محمّد ابن عربي الحاتمي المتوفى 638 ه ضبطه وصحّحه وعلّمه عليه الشّيخ الدّكتور عاصم إبراهيم الكيّالي الحسيني الشّاذلي الدّرقاوي

….

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا فتّاح يا عليم

مقدمة صدر الدين القونوي

الحمد للّه الذي بيّن التبيان لأهل العرفان في كل زمان وأوان بما أودع في الفرقان ، ومن أسرار حركات الاقتران ، الدالة على حوادث الأقاليم والبلدان ، بحكم ما قدّره الباري سبحانه وأراده من غير زيادة ولا نقصان ، أحمده هو المحسان وأشكره وهو البديع المنّان ، وأشهد أن لا إله إلّا هو وحده لا شريك له ، الملك الديّان ، وأشهد أن سيد الخلائق محمد المصطفى من خاص خواص خلاصة نسل عدنان ، صلّى اللّه عليه وعلى آله وأصحابه الذي جاء بمدحهم القرآن في قوله تعالى :يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً[ الفتح : 9 ] .

صلاة وسلاما يدومان بدوام الأكوان إلى يوم الفوز والغفران .

أما بعد . . .

فإن الحرف الأول في الكاف والنون قال اللّه تعالى :" إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ " [ النحل : 40 ] .

وقد أراد بما كان في غامض علمه من إيجاد الكائنات وخفض الأرضين ورفع السماوات واستخلاف خليفة جامعا لمفترقات المكنونات ، سماه آدم وعلّمه أسماء ما تأخر وما تقادم في جملة ما أعلمه به ما تختص به ذريته جيلا بعد جيل إلى حصول نفخة إسرافيل ، وأمره إعلام خواص بنيه بذلك النبأ العظيم فتلقى عنه ولده شيت ثم أنوش ثم الأخص فالأخص إلى إدريس ، وهلم جرا إلى أن تمت الأدوار ومرت الأذكار وانتهى الأمر إلى دور السيادة المحمدية ، فانحصر فيما آتاه اللّه الأول والآخر والباطن والظاهر .

قال اللّه تعالى :ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ[ الأنعام : 38 ] .

وشيء أنكر النكران . .

فالكتاب المبين حاو للعلوم الحقيّة والعلوم الخلقيّة ما شذّ عنه شيء ، فهو الأمر المعجز لكون أمه السبع المثاني حوت علوم المحسوسات والمعاني إذا تأملها الحاذق النحرير والعلامة الخبير وجدها الأنموذج الجامع والنور الساطع اللامع ، في أول آية منها جميع المعاني ما اشتملت عليه من الأسرار ، بل في نقطة الباء منها جميع حقائق الأدوار فهي كالأس للبناء ، وفيها بلوغ المنى لكونها نقطة الدائرة الوجودية ولمعة الأنوار اللاهوتية ، والدائرة بطرفيها قد دارت عليها ظاهرة بمراتبها كما رتبها العزيز الحكيم من عرش وفرش ومحو ونقش وتخطيط أقاليم وتقديم أقانيم ، فمن ذلك ما أشار إليه الكتاب العزيز بأنواع البيان وضروب التبيان في الإخبارات التي ظهرت في الآيات الشريفة والأحاديث المنيعة ، وكتب الشرع مشحونة بذلك وصدور عظماء الصحابة مملوءة من علوم أخبار الممالك .

ولم تزل الكمل من الصحابة والتابعين يعظمون قدر هذا العلم ويعلون منارته ويجلون مقداره كالإمام علي رضي اللّه عنه وكأبي هريرة وحذيفة ابن اليمان وأحزابهم ، مما سمع ودعي حتى انتهى الأمر إلى قطب دائرة المحققين وارث علوم الأنبياء والمرسلين الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر سيدي محمد محيي الدين محمد العربي الحاتمي الطائي الأندلسي رضي اللّه عنه ونفعنا به ،

فنظر في العلوم الحرفية والأسرار الجفرية نظر منصف غير متعسف ، وأفرد لكل قطر من الأقطار ما يليق به من الأخبار التي عليها المدار في سائر الأمصار بكل الأعصار ، فمن أجل ما استخرجه الإمام المذكور من جفر الجفور دائرة شريفة سماها الشجرة النعمانية في الدولة العثمانية تكلم فيها برموز جلية وأسرار خفية عليّة ، خصص بها مصرا دون غيرها من الأمصار ونبّه على ما يتصل بها وما ينفصل عنها من أخبار الديار وما يرد عليها من المسرات والمضار ، جعل الابتداء فيها من قران النحسين ووبال الاثنيين في المغربين ، والانتهاء إلى مقابلة المريخ كيوان في آخر درجة من الميزان ولم يسمح الزمان بمثل تلك الدائرة لكونها لكل الدوائر قاهرة بأخبار القاهرة . . .

ولما أطلعني اللّه على ما فيها من الرموز والإشارات أحببت أن أشرحها شرحا كافيا يحل مشكاتها ويوضح مراداتها . . فاستخرت اللّه سبحانه وتعالى وما خاب من استخاره على ما جرت به عادة كل مستمد من الإمداد الرباني والفيض الصمداني ، واستعنت به تعالى وتوسلت إليه بأشرف خليقته وخير بريته صلى اللّه عليه وسلم في إتمام ذلك إنه ولي التوفيق .

واقتفيت أثر السلف الصالح في تكثير السواد بالمحبة التي هي غاية المراد وبالتشبه وهو من الأسباب الموصلة إلى طرق الرشاد ، ووضعت أساس هذا الشرح ورتبته على مقدمة وثلاث فصول وخاتمة واللّه تعالى ولي التوفيق المرجو المأمول من لطفه أن يسهل إيراده ويجعله خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به ممليه وسامعه .

كما يسر تحصيل جوامعه إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير .

مقدمة الشيخ ابن العربي:

اعلم أيها الأخ الصفي والخل الوفي أن شرف كل علم بشرف موضوعه وموضوع هذا العلم الدلالة على قدرة الباري جلّ وعلا لكونه من جملة العلوم السرية الباحثة عن أسرار القدر بما يشير إليه من الودائع المخزونة في كنوز الحروف التي عليها المدار .

فمن وفقه اللّه تعالى لفهم تلك الرموز الحرفية عرف جميع الأصول الجفرية المرتبطة بدلالات الاقترانات الفلكية المسلطة على أقطار الدائرة الكونية وحصول تأثيراتها في أركان الدائرة بالحوادث والوقائع المؤثرة في أحايينها وأناتها كائنة ما كانت ومن لا فلا . .

ولما كان الأمر على ما بيّنّاه نقول وباللّه التوفيق إن الأمر في نفسه مبني على الكواكب السبعة ، وعلى البروج الاثني عشر ، وعلى المنازل الثمانية والعشرين منزلة ، والجميع على الأس الأعظم الذي هو نقطة الدائرة المحرك للكل بتقدير العزيز العليم المريد القادر الحكيم هذا التفضيل الصحيح الحقاني .

فافهم واللّه سبحانه وتعالى أعلم وباللّه التوفيق .

.

الفصل الأول في معرفة المفاتيح الغيبية

الفصل الأول في معرفة المفاتيح الغيبية

المشار إليها بقوله تعالى :وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ[ الأنعام : 59 ] .

اعلم أن غالب الناس قد اشتبه عليه معرفة تلك المفاتيح وحصل التفاوت في فهم معاني هذه الآية الشريفة .

 فمن قائل لا مطمع لبشر في فهم علم تلك المفاتيح الغيبية ، ومن قائل بإمكان الفهم من حيث النسبة الإضافية الممنون بها على حكم تخصيص الإرادة الأزلية لخلاصة خواص العبيد.

فالقائل بعدم المعرفة ظاهري على مذهبه جمهور العلماء واستنادهم إلى الاسم الهو من حيث استناده إلى المسمى عزت عزته ، فهم يقولون لا يعلم هذه المفاتيح إلّا هو سبحانه وتعالى فلا قدم لمخلوق فيه أصلا .

والقائل بإمكان حصول العلم باطني على مذهب خواص أهل التحقيق من الورثة واستنادهم إلى التخلق بالأخلاق الإلهية بعد التصفية الكاملة والتخلص من عوائق البشرية بالرياضات القلبية والتقرب بالنوافل المشار إليها بحديث : لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت وكنت إلى آخره .

« يشير إلى الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه ، كتاب الرقاق ، باب التواضع ، حديث رقم ( 6502 ) ونصه : عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " إن اللّه قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " . وروى هذا الحديث غير الإمام البخاري أيضا . » .

فمن كان الحق سمعه وبصره لا يحجبه شيء عن خفيات الأسرار لأنه يصير مجلى جملة الأسماء الإلهية ومن جملة الأسماء الاسم الهو لا الصورة العبدية فافهم هذا اعتقاد الفرقتين . .

الكل مصيب في معتقده .

.

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها:-

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها

اعلم أيها الأخ أن المفاتيح الغيبية تنحصر في خمس مفاتيح لا غير ، منها مفتاحين عظيمين شريفين هما أعظم المفاتيح . .

المفتاح الأول منها هو الوحي بواسطة الملك للأنبياء والمرسلين وقد سدّ بابه مكلفا بخاتم المرسلين محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله :

« أنا لبنة التمام » رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

"" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ». ""

 

والمفتاح الثاني الإلهام الروحي وهو لكل الورثة إذا بلغوا مقام التمكين الكلي وشروطه معلومة لهم ، وما عدا هذين المفتاحين

ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

 

القسم الأول

يؤخذ من الأحاديث النبوية والإخبارات المصطفوية التي أخبر بها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في عقود حديثه ، وأسرّ بها إلى خواص أصحابه رضي اللّه عنهم كسيدنا الإمام علي رضي اللّه عنه وأضرابه من الصحابة ،

وهي كثيرة جدا قد دوّنوها دواوين وأتقنوها غاية الإتقان ، وقد استنبطوا منها جملة من العلوم السرية بحسب الوقت والقابل ،

فأول من شرح مضمونها وأظهر مكنونها سيدنا علي رضي اللّه عنه وسماها بالجفر الجامع

وجعل الابتداء من وفاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم لكون باب الاختلاف كان مقفولا في أيام حياته ،

وفتح حين قالت فيه الأنصار منا أمير ومنكم أمير ، وقفله الاتفاق على بيعة الصديق رضي اللّه عنه وفي النفوس ما فيها حتى أفضى الأمر إلى قتل الخلفاء الثلاثة وكان ما كان وقصتهم مشهورة ،

ثم هذا العلم ينفرد به الواحد من بعد الإمام علي رضي اللّه عنه إلى يومنا هذا وإلى آخر وقت ، وهذا القسم الأول من الثلاثة أقسام التي ذكرناها .

 

القسم الثاني

هو معرفة حركات الأفلاك وأحكام الكواكب السبعة المسخرة المرتبة في مراتبها ، ومعرفة طلوعها في شروقها وغروبها واقترانها واجتماعها وافتراقها ومواصلتها

 

 

وسيرها في مراتبها ، وما يحدثه الحق سبحانه وتعالى في العالم بموجب حركات سيرها كالرياح والأمطار والرعود والبروق والزلازل والفتن والرخاء والغلاء ، وحدوث الأمراض على اختلاف أنواعها وتأثيرها على الأمزجة والطبائع في الفصول الأربعة وتأثيرات العناصر ،

وبذلك يعرف ما أودع الباري سبحانه فيها من الأسرار الإلهية إذ لا تأثير لشيء في شيء إلّا بإذنه وإرادته ومشيئته ، خلافا لمن زعم أنها فعالة بالاستقلال . .

حاشا وكلا فهو سبحانه بلا اختلاف إن شاء اللّه ، وإن شاء كما خلق الإحراق في النار وأبطله في قصة إبراهيم عليه السّلام.

"" يشير إلى قوله تعالى :قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ( 68 ) قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ( 69 )[ الأنبياء : 68 ، 69 ] .""

 

وخلق الإغراق في الماء وأبطله في قصة موسى عليه السّلام .

"" يشير إلى قوله تعالى :فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ( 63 )[ الشعراء : 63 ] . ""

 

وخلق القطع وأبطله في قصة سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .

""  يشير إلى قوله تعالى :فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ( 102 ) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ( 103 ) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ ( 104 ) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 105 ) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ( 106 ) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ( 107 )[ الصافات : 102 - 107 ] . ""

 

فهو سبحانه له النقض والإبرام ، ومن هنا كذب المنجمون من الفلاسفة والحكماء ، فمن عرف الطوالع والغوارب وأحكام الحركات الفلكية وأتقنها الإتقان الشافي بمعرفة البرج والدقائق والثواني والثوالث والروابع والخوامس وجميع الأصول المتفق عليها في الاصطلاح عرف بعض ما يليق بمعرفة الأفلاك . .

 

القسم الثالث

من المفاتيح يؤخذ من طريق الحروف ومعرفة طبائعها وحارها وباردها ورطبها ويابسها ومخضها وتركيبها وأعدادها وإسقاطاتها ومزجها وتعديلها واستنطاقها بعد تنزيلها في الجداول الحرفية والأوفاق العددية ولقطها وإخراج أزمنتها .

ويسمى هذا القسم بالزايرجة وتلك الحروف المذكورة هي حروف أي جاد التسعة والعشرين بحرف لام ألف

وهي مقسمة على الطبائع الأربعة كل قسم سبعة حروف .

 

فالنار لها : « أ ، هـ ، ط ، م ، ف ، ش ، ذا » .

والهوى له : « ج ، ز ، ك ، س ، ق ، ث ، ظ » .

والماء له : « د ، ح ، ل ، ع ، ر ، خ ، غ » .

والتراب له : « ب ، و ، ي ، ن ، ص ، ث ، ض » .

واللام ألف : فيه جميع الضدين الماء والنار كما هو مشهور عند كل عارف وهذه الحروف المذكورة موزعة في ملء الدائرة الخلقية لكل حرف خدمة هي وظيفته ، والأمر في نفسه على هذا المنوال كقوله تعالى :ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ[ الملك : 3 ] .

واعلم أن الأسماء والمسميات كلها تحت حيطة هذه الحروف ،

فالألف القائم هو كأول أفراد النوع الإنساني وبقية الحروف كأولاده ،

والنقطة أصل الجميع والكل في قبضة قهر القدرة الأزلية لا تتحرك ذرة في الكون إلّا بإذن الحق تعالى ولا تسكن حركة إلّا بإذنه سبحانه ،

فجميع ما في الكون من الحوادث إنما هو آثار الأسماء الإلهية ظهرت في صور المخلوقات على طبق مراد الحق سبحانه وتعالى ، ونحن نسميها حوادث ووقائع تتنوع لكثرة مظاهرها واختلاف مقاصد مظاهرها هذا هو المتفق عليه فافهم ، واللّه أعلم ،

 

ولما كان الأمر على ما قررناه نقول :

إن هذه الأقسام الثلاثة التي هي علم الجفر ؛ علم الغيب وعلم الفلك وعلم الحرف معلومة بأصول وضوابط لا يقال إنها علم غيب أبدا إذ علم الغيب شرطه أن يكون مجردا عن المراد والبسائط الكونية وهذه العلوم لولا هي ما علمت العلوم .

 

وأما المعلمين السابقين فمن طريق الوهب والفيض الأقدس ، أما الإعلام بالوحي فغير مكتسب بل اللّه يختص برحمته من يشاء ، والعلم بالإلهام لا مادة له إلّا الوهب الإلهي فاعلم ذلك وتدبره ترشد إلى سواء السبيل . .

وحيث انتهى بنا البحث إلى هنا ونبّهنا على الأقسام الخمسة وميّزنا بينها وبين بعضها ، فلنرجع إلى ما نحن بصدده من شرح دائرة الشيخ الأكبر رضي اللّه عنه ، التي هي الشجرة النعمانية المخصوصة بالدولة العثمانية

والتنبيه على رموزها وإشاراتها وألغازها وسبب عقدها على دائرة كرة مصر دون غيرها من المدن والأمصار فنقول وباللّه التوفيق . .

أما سبب تخصيص مصر بهذه الدائرة فلكون مصر محل كرسي الوقت المشار إليه دون غيرها والأمصار المتعلقة بها تابعة لها ،

فلا يصح التخصيص إلّا لها ، وأيضا لكونها نقطة حسن على خد ملاحة في مطلق أقاليم البسيطة بما اختصت به من الأوصاف الكاملة ، هذا هو سبب التخصيص .

 

وأما الرموز والإشارات والألغاز فهي بحكم اصطلاح القوم إذ لا سبيل إلى التصريح مطلقا ، لأن التصريح بالعلوم السرية من سوء الأدب ، وذلك غير لائق بمقامات القوم ، فإنهم لو صرحوا بالعلوم السرية لوقع الخلل في نظام ترتيب الحكمة الكونية وفي ذلك ما فيه من التعطيل وغيره . .

بل نعم ما فعلوا من إسبال الستور على وجوه البدور في الخدور ، وقد أبقوا حل ما هناك ومعرفة حل تلك الرموز الألغاز على حكم اصطلاحهم حتى تؤخذ بالتلقين من المرشد مشافهة فافهم .

 

قال الشيخ رضي اللّه عنه ونفعنا به : د

دائرة كرة مصر ومقدار أفقها لا تزال بادعة مع حكامها في مخادعة ، ولأثقال الأمور موادعة حتى يقابل المريخ كيوان في آخر درجة الميزان تخرج من يد آل عثمان . .

 

اعلم أيدك اللّه بروح منه أن الأصل في ذلك ما أشار إليه الشيخ رضي اللّه عنه قبل عقد هذه الدائرة بقوله : إذا انقضت قاف الجيم قامت ميم سليم .

"" يقصد الشيخ رحمه اللّه تعالى سليم الأول سلطان الدولة العثمانية الذي عاش بين الأعوام من 1512 - 1521 م . ""

 

في القران الكبير وتقابل الجيشان .  

"" الجيشان : هما جيش السلطان سليم وجيش الشاه الفارسي إسماعيل .""

 

بخط النهروان واصطدم من عنصر الهوى حرفان ، فالرابع غالب والخامس مغلوب في دليل على أنه سيكون حركة كبرى بين ملكين عظيمين بأرض النهروان بالقرب من شط الفرات ، ويكون السين صاحب التمكين لأن السين رابع حرف من عنصر الهوى ، ويكون القاف مقلوب بل تقضي دولة بإشارة إذا انقضت قاف الجيم .

ثم قال ويثبت الكاف للسين في الميم في القرآن إلى القرآن وحدة دولته في عدد حروف الاسم مقدد سليم 140 قسم .

 

وأما المغلوب فهو القاف قاف الجيم سيظهر ويملك مصر وما يليها من الأقطار وهو جركسي الأصل ، تفسير اسمه ماء الدم .

"" يشير الشيخ إلى السلطان المملوكي قانصوه الغوري الذي هزمه السلطان سليم في عام 1501 م في معركة قتل فيها وتولى بعده ابنه طوقان باي حكم مصر . وقانصوه بالشركسية : أي ماء الدم . ( تاريخ العالم الإسلامي لعمر رضا كحالة ، دمشق ، المكتبة الهاشمية 1958 ) . ""

 

وزمان انقضاء دولته كظ 920 ، وفيه القران المشار إليه والقائم عليه من حروف عنصره حرف سين يعضده ألف وخاء ، وفي تغليب هذا السين على مصر يكون الاستيلاء على كامل جزيرة العرب إلى تخوم المغرب مع أطراف اليمن . والأقطار الحجازية ودولته أصلح الدول في القرن العاشر حتى تتم القرون ببقية العدد في إشارة المريخ تكون إشارة الخروج المبينة في دائرة الشجرة عند قوله حتى يقابل المريخ كيوان في آخر درجة الميزان تخرج من يد آل عثمان .

 

اعلم وفقك اللّه لفهم المعاني ، ومشاهدة المباني ، أن قوله تخرج من الزمان وذلك يكون بظهور صاحب الزمان.

"" يقصد بصاحب الزمان الإمام المهدي رضي اللّه عنه الذي يظهر آخر الزمان ، وردت به أحاديث كثيرة منها

قوله صلى اللّه عليه وسلم : « لو لم يبق من الدهر إلا ليوم لبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يملؤه عدلا كما ملئت جورا » مصنف ابن أبي شيبة

ومنها قوله صلى اللّه عليه وسلم : « لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يوطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما » الحاكم المستدرك على الصحيحين . ""

 

الذي تنقلب له الأعيان ، وفي أرض خراسان ينتشر خبر ما بين كرمان إلى أرض نعمان .

"" كرمان ونعمان هما منطقتان من أراضي خراسان سابقا ، أراضي إيران الجمهورية الإسلامية حاليا ، واللّه أعلم . ""

 

ذلك هو الذي تكون له البيعة عند الغلبة وتأتي رايات صاحبه من وراء النهر هو الذي يشارك سين الختم العثماني ظاهرا وينفرد بالحكم والتصريف باطنا .

 

هذا معنى الخروج المشار إليه في القران الذي يكون في آخر درجة الميزان وتبقى مدة الختم وبنيه مدة آخر ألف ونون ويتصور اسم قائم لأن في عدد هذا الاسم ظهور راعي الغنم في فلاة من أرض عند باب الحديد من أرض المشرق . عدة جيشه كاسمه ينتهي أمره إلى جواز أرض قرمان . ""  منطقة واقعة في جنوب تركيا .""

 

ويرهقه خوف صاحب الباب فيتفرق جيشه من حوله ويهلك في فرشه فافهم . واللّه الموفق لا رب غيره .

وقوله لا تزال بادعة يعني يحدث فيها الحوادث ومع حكامها مخادعة يعني بالخدعة ، ولا تقال الأمور موادعة يعني لا تدوم شدتها ، لأن الموادعة مفارقة حيث يقابل المريخ كيوان بشرط أن يفترقا في آخر درجة من الميزان ، لأنهما طالما اقترنا في آخر درجة من الميزان وما وقع ذلك الخروج .

الفصل الثالث في بيان رموز هذه الشجرة وما في ضمن الدائرة المذكورة من التنبيه على الحوادث الكونية .

 

اعلم أيدك اللّه بالتأييد الاعتصامي أن الشيخ رضي اللّه عنه لما عقد الدائرة على نقطة بيكارها قال : إذا دخل السين في الشين يظهر قبر محيي الدين ،

وذلك أنه نظر بعين بصيرته من طريق الكشف والشهود أن قبره يكون بمحروسة دمشق الشام،

وأنه يخفى ويندرس رسمه برهة من الزمان حتى يظهر صاحب القران والزمان من نسل آل عثمان أول اسمه حرف سين بالتعيين بالغ في استخراج الاسم حتى تصور له الحرف اسم سليم

فيكون إظهار قبره بعد الدثور على يده عند ذلك خاطبه في الدائرة الروحية بقوله يا ( سين ) أنت صاحب التمكين لك الظهور وأنت المؤيد المنصور . .

ثم قال إذا دخل السين في الشين يظهر قبر محيي الدين ، هذا في وقته ذكر ما يكون في وقت ظهوره وفي مدة ملكه وبنيه من بعده ، وفرق ذلك في أركان الشجرة داخلا وخارجا فمن ذلك ما ذكره ومنه ما ذكره ملغوزا إلى غير ذلك من أنواع البيان . .

 

قال رضي اللّه عنه : " الملوك العثمانية من السين الفاتح إلى الألف الخاتم عدد يد " فـ إذا دخل الرابع عشر وإن نوزع في الكاف وخرجت عنه الأطراف فإن جلوسه صحيح وقدره رجيح ووجهه صبيح

يخرج من سجن النساء وهن يتلين عسى في مدته هياج وتوازن عجاج إلى ظهور الختم الذي يوجب الكتم ،

والملوك العثمانية بين سين الفتح وألف الختم هم هذه الحروف بلا خلاف يعرف اسم كل ملك منهم بحرفين من أول الاسم إلى آخره .

وهم هذه الحروف التي تقدم ذكرها فانظر في هذه الحروف ترى عجبا يرجع الأمر إلى البطون واللّه أعلم بما كان ويكون سبحانه لا إله إلا هو ولا رب غيره إشارات أسماء الصدور وهم سبعة عند ظهور الختم فتدبر ترشد وهم هؤلاء قواعد سريره وصعدة كرسيه .

 

فتأمل وتدبر وهم سبعة :

ذكر ما بين الفاتح والخاتم من الحركات الكليات دون الجزئيات ، إذ لا سبيل إلى حصر الحوادث الجزئيات بوجه أبدا لكثرة وقوعها في الأقطار ،

فذكر الكليات هنا وإن لم تكن متوالية ، فالتقديم والتأخير من جملة أنواع الرمز المصطلح عليه،

وخلط الكلام للإيهام وذلك سنة القدماء حتى لا يتخلص السر إلى الجهر ، هذا هو السبب.

فأول من شبه عليه الشيخ رضي اللّه عنه قال :

خيانة حرف خاء وحرف غين بانجراف بواطنهم على قاف الجيم لأمر عظيم وخطب جسيم بإشارة حال الحال ،

إذا ظهرت حمرة عند الفرات فاضحة فهي إشارات واضحة في عام ع والعين عزل القاف عن كرسيه في كظ . فافهم .

 

ثم قال في ركن الدائرة :

فمصر يخاف على قافها في كظ أولا ، وفي طمغ آخرا

والآخر قسم لأن القاف الإحاطية جنة الكنانة من كل سوء حتى يقضى ، وللقاف ظهور بالكنانة في واو نون الغين إذا تقارب الزمان إلى نزع ،

 

وقوله : حركة أخرى ترمي مصر بقوس الجور في زيغ وبقوس الزهرة بعد ذلك ، إذ قد كان تقدم سر العدد في المدد بإشارة إذا قابلت الزهرة وجه زحل حال الحال بالكنانة وغيرها فقد تقع المقابلة مرات عديدة منها حركة قيام الجيم على الميم وعلى خاء وعلى عين وعلى ألف وحركته كبرى ،

أو على ميم ميم ميم في أحايين مختلفة كلها بمقتضى مقابلة الزهرة وجه زحل وما رمزه الشيخ ورتبه على حركات الاقترانات إلّا لكمال الرمز وصيانة لمقام الكشف ،

 

وقوله : نزول أهل الزيغ في زيغ ، يشير إلى فتنة عظيمة في حكم العدد في الإشارة الثانية

وقوله : إذا قابل عطارد المشتري كثرت العوائد وقلّت الفوائد لجيم الجند والرعية . وقوله : إذا دخل كيوان بالميزان نفخ الشيطان وضعفت غلبة السلطان واستدار الزمان إلى س .

وقوله : إذا شرعت الناس في المخاصمة بطلت المحاكمة برهة ، ثم ينتظم الأمر إلى عام سين ، يشير إلى عام سير الجند إلى المشرق فإن السين ليست لعدد هنا .

 

وقوله : ظهور دال النون بعد الجيم بعد هياج عظيم يثور بها إلى عام سين ، هذه للعدد والإشارة إلى رجفات ورجات تتوالى برهة على الجنود والضد هو النزاع والهياج معلوم ،

وقوله إذا ظهر النجم في آخر الدلو في حركات بها عزل وتولية وفي هاء النون نظيرها ينسحب حكمها للسين يا لطيف ألطف فيه

إشارة إلى شدة الحركة وقوتها ،

وقوله : تقوم طائفة من بني عبد اللّه تقتل ملكها وينصر اللّه مراد الثاني دليل على ظهور مراد ومراد .

إشارة إلى الفتك يملك أول اسمه ل وصرح بأخذ ثأره

بقوله : وينصر اللّه مراد الثاني ،

وقوله : بغداد يخرجها بأكبر أع م خروج صغير

فيه إشارة إلى خروجها عن حوزة يد إمام الوقت بتغلب النيات عليها ،

وقوله : والخاء غير أخذ بغداد خ خ ولا الجيم ج ، يشير إلى محاصرة بغ بحرف الخاء وحرف الجيم العددية 3 وعدم أخذهم إياها ،

وقوله : م ع م ز قولا وفعلا هو إشارة إلى الحروف الثلاثة وعدم أخذهم دار الخلافة من أربعين إلى سبع وأربعين وفي حسم ملك الميم ،

 

وقوله : بغ لا يفتح بابها إلّا بعد مضي ز م في ح م الإشارة 48 بعينها وإن اختلفت ألفاظها ،

وقوله : ويخاف على 47 مجال 48 الشمال من باب الأرض فخر وخرابها بالجيم العددية ، يشير إلى ظهور خارجي بها لا يتم أمره وعلته الجيم العددية وقوله : مراد يطلب الثار أولا قوله وله كرة أخرى هي حركة حم بعينها .

 

وقوله : رجة أهل الحرم من قوم أوغاد لا يتم لهم المراد بلا فساد ، يشير إلى قيام  فرقة هناك ويهلكون بالواد ،

قوله : قيام أفراد مصر لنصرة أهل الحرم رحمة حتى يختلفون فيما بينهم برهة

هي الإشارة بعينها والأوغاد لا نسب لهم وفعلهم قبيح ،

 

وقوله : لليمن قاف القاف لا يفتح وترمي مصر بقوس الجور حتى يرده ميم وجيم بالتسليم لحرف الحاء والنون فافهم

وقوله : يخاف على بيرم الصدر في زم أو ح م .

وبعده ترتيب الميمات بمصر والباب م م م م م م م م كذا

 

وقوله : تعديل الأدوار وظهور سعد ميم مراد هي في عام 1 م يأخذ الثأر ويزيل العار عند قيامه تلك الإشارة إلى ما تقدم شأنه في حق مراد الثاني .

 

وقوله : خ ص إذا عمرت أسوان بالباء والعين في آخر الزمان حكمت النسوان في دولة آل عثمان برا وبحرا ويكون خوف وضجر بها وبالحبشة آل ع وبالمغرب اختلاف بين أهله يعم .

وقوله : الميم القائم بالميم في بن عن إذن رحيم يثبت ، ويل للسبع من السبع

إشارة إلى قيام قائم بمصر عن إذن إبراهيم يثبت للحكم المقدر عليه فويل له من السبع الذي يفترسه .

وقوله : حركة قزق مع الميم وحركة بدم مع الميم مع علامة حركة الميم مع جيم الكنانة في دن يشير إلى حركة تقع نواحي القزق مع الميم الصدر وبعدها نظيرها في حصن بدم ميم مع آخر فافهم .

وقوله : يخاف على الجيم من عين يقوم بها في دن يشير إلى حركة تكون بين الجند وحرف عين في الدال والنون يعني في دار النزاع لأن الدال والنون بلسان الإشارة هكذا ،

 

وقوله في عين العقبة جموع بمصر وتحكم العبيد على الأحرار ثم تحكم الرعية شرار البرية ،

وقوله : في براري مصر رجفات يشير إلى رجفات الفتن مع قطان الجبال فافهم .

وقوله تعالى :وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى[ الحج : 2 ] ،

ممّا يحدث من ذلك الأمر ،

 

وقوله : تثور الروم بدليل معلوم ترقبه تراه ه . ف إشارة إلى قيام حركة

بالروم مع م ح والظفر للميم الذي تثبت بعده ترقبه تجده ميم الصدر فافهم ،

 

وقوله : تحصل صكة الختم ج س من بعد ميم وفي دس نظيرها يشير إلى جلوس رحيم الذي تفسيره ألف وميم بعد ميم ترقبه تجده بعد ميم يتقدمه من قبله

وفي الدال والسين ج د س نظيرها فتدبره ترشد ،

 

وقوله : س ل ي م وعند الختم يفترس من الكتم الرجوع الأمر إلى البطون ،

يشير إلى الملك الخاتم لأن في جلوسه اختلافات كثيرة وأمور مهمة لا يجوز كشفها وعند فناء حاء الزمان ودالها على فاء مدلول الكرود ويقوم مع السبعة الأعلام والناس غفل ،

إشارة إلى ظهور ميم ختم الختم الأكبر وأصحابه السبعة الأعلام رجال سدته وأصحاب بيعته فتدبره ترشد ،

وقوله : ملك أحمد الملوك فيه

إشارة إلى دولة العثمانيين إذا ملكت أرض العرب

 

وقوله : قاسم جنة الكنانة

إشارة إلى عش حرف القاف ما دام في الكنانة هذه جنة لأهلها .

وقوله : ويل لأهل أرض الكنانة في طولها والعرض من شجرة الحنظل إذا نبتت بها وهي م وهـ م .

وقوله : ح ود وع ور ز ول وح وب هذه أحرف فروع شجرة الحنظل تنبه لها وخذ تفسيرها من أعدادها تعرف أشخاصها .

وقوله : ألم ( 1 ) غُلِبَتِ الرُّومُ ( 2 ) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ( 3 ) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ( 4 ) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 5 ) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 6 )[ الروم : 1 - 6 ] .

فيها إشارة إلى مدد الدولة العثمانية ، تنقسم تلك الأعلام الأعداد على كراسي ملوكهم في أوقات مخصوصة لهم ،

قد رأينا الاتفاق الشافي في أعداد تلك الآية لأنها جامعة لأمورهم

فتدبرها تعرف سرها وهذا تقسيمها :

" ا ل م غ ل ب ت ا ل ر وم ف ي أد ن ا ل ا ر ض وهـ م م ن ب ع د غ ل ب هـ م س ي غ ل ب ون ف ي ب ض ع س ن ي ن "

للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه ينصر من يشاء .

 

فإذا أردت معرفة ذلك يعني تقسيم الآية فالأعداد في الأحرف الترابية لكنها تبدل بأقل أعدادها ولا يمكن التصريح بسرها فتدبره .

قوله : وفي قتل م د بالكنانة فتح باب الفتن ولا يقفل إلّا إذا تمت عقود الأعداد وظهر سيد الأفراد مع أصحاب أمجاد فيه

إشارة إلى قتل يتكرر مرات

لأنه ذكر قوله : أسها الفتك بإبراهيم بعدم د فافهم الإشارة .

وعقود الأعداد فيها أمور عظيمة يتكرر وقوعها لكنه لم يصرح بها خشية من وقوع الفتنة فتدبر ذلك .

 

وقوله : وسيقدم ميم بأمر عظيم من باب رحيم ترقبه بنقض وإبرام إذا ناقش أرباب الأقلام وذلك إذا ظهرت علامة النيرين في ميقات واحد يلطف اللّه بأهل الكنانة ،

يشير إلى قدوم ميم ضخم من باب الملك يناقش أرباب الأقلام بالنقض والإبرام عزل وتولية وإدخال وإخراج وحل وربط وذلك في عقد الوسط من الآية الشريفة : يأتي إلى الكنانة وعلى يده فتح باب الخاء فتدبره .

 

وقوله : قيام السين بفتح أرض العرب إلى قيام السين المعاهد بقونيه

يشير إلى سين الفتح وسين الختم الذي يظهر ويبايع الميم ببلدة قونيه من أرض الروم .

 

وقوله : إذا رجع الأمر إلى أولاد البطون هناك حادثة البلخي وقيامه من وراء النهر يقصد الباب ولا يدخله وعلته ضيق وقته ،

يشير إلى حادثة تكون في أوائل ظهور الميم الخاتم من أرض بلخ وراء النهر وهو السين المولود به وهو سفياني الأصل فاعلمه . .

قوله : في إشارة البلاغ والأعلام رجال النجدة ليسوا من جنس واحد صدرهم الأعظم ميم سليم رومي الأصل وهو المنعوت في جفر الإمام بالدين وهو صاحب التمكين ضابط اسمه مرّ ذكره ،

يشير إلى ذكره في عقود الآية الشريفة من أولها وآخرها تركب أحرف الضابط الاسم فتدبره ،

 

وقوله : في بعض نسخ الدائرة من الشجرة فتح الجزيرة وذكر ذلك على صيغ شتى وفي مواضيع متعددة لكن أصحها ما وجدناه مقابلا على نسخة الأصل نبه على ذلك في محل قيام الروم عند صكة الختم في جلوس رحيم

وفي تمام الفتح أقوال لعدم ارتباط الأعداد في عقودها والأصح في عام واو نون الغين فافهم ،

 

قوله : ( ا ل م ر ر ي خ )

في ذلك إشارة العدد الموجب للقران الموعود إذا كانت الراء تاء هي بتكرارها لأن الرائين حرف تاء فالتاء مع الخاء غين وبقية الأحرف تطلب تكميل عددها من الآية من عقودها

لأن الآية الشريفة إذا أتت أمعنت النظر في إعدادها وعرفتها بالجملة أو بالتفصيل عرفت جميع ما تضمنته من الأسرار وما اشتملت عليه من حوادث الأمصار والأقطار

 

فمن المشايخ من جمع أعدادها وأسقط وأبقى ما ناسب التأخير ،

ومنهم من فصلها عقودا وأعدادا أو جعل لكل عقد أعدادا تقوم بذاتها لكن بطريق التوليد أو المخض أو الكسر أو البسط أو صيغة من صيغ الفن وعلم ذلك كثير جدا وسنوضحه لك فيما بعد إن شاء اللّه تعالى .

 

وفي قوله : قاسم جنة الكنانة إشارة عظيمة سرية حرفية ظاهرها ق م حتى يقضي يظهر حرف عدد اسمه في حكم الضدية

معنى ذلك إن أول اسم الضد الظاهر بعده يكون عدد كامل حروف اسمه

ومعنى ظهوره بالضدية يعني نقيض ما كان عليه حرف القاف

وإذا ظهر هذا النقيض ينتهي لمرة في عدد اسمه فتدبر ترشد ،

 

وقوله  : في الدائرة الكبرى ( م م ي ع وع ح ي )

في هذه الأحرف إشارة بليغة لأفراد من قطان الكنانة لأنه ذكرهم بين الأركان والأضلاع من داخل الدائرة ،

يشير إلى ثمانية أفراد فضلت من كسر الآية وبسطها ستظهر في العقد الأخير من الآية إذا قام بالكنانة الحرف الإحاطي المسلط على بقية العناصر

يكون أولئك الأفراد وحفدته وأركان سدته إن ساعده القران في قبة الميزان فافهم ،

 

وقوله : إذا نبتت شجرة الحنظل بالكنانة تثمر النفاق وتؤثر الشقاق وتفرق بين الرفاق ويسري شؤمها إلى الأفاق

وفي ذلك إشارة بليغة تعلم إذا علمت أشخاص الشجرة وفي رمز تخصيص الحنظل دون غيره لأنه مقصور النفع على بعض أفراد

وليست على حكم الإطلاق لأن الحنظل تقدره نفوس بعض الحيوانات الناطقة والصامتة نعم والإشارة للذم لا للمدح .

ولأجل ذلك يكون ما ذكر من النفاق والشقاق والفرقة بين الرفاق وسريان ذلك في الآفاق فلا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم .

 

وقوله : خروج عدل لا خروج جور ولا زوال

في ذلك إشارة إلى تمييز المدتين الأولى والثانية ،

وقد تقدم ذكرهما في التنبيه على ما زاد على اسم السين الفاتح وسنزيدك بيانا

 

اعلم أن السين الفاتح جعلت المرة الأولى الصافية في عدد اسمه من عام تفتح فيه القاهرة إلى عام خروجها من يدري ذلك الوقت ومن عام الخروج المشار إليه إلى الغاية عدة ألف ونون جامدتين وهي تمام المدة الثانية

وقد حررناها في اسم سليمان ولد سليم لأننا ما وجدنا الواحد وخمسين الزائدة إلّا في اسم سليمان والمدتين 191 منها الأولى 140 والثانية 51 .

أما المدة الأولى : فهي الصافية دون مشاركة ،

والثانية : يدخل فيها تصريف الغير الذي ختم الختم الميم الأكبر ،

 

فاعلم أن ذلك الخروج ليس على ظاهره كما يظنه من لا معرفة له بعلوم الأسرار الجفرية ،

ولهذا قال في هذه الدائرة خروج عدل لا خروج زوال

لأن خروج الزوال لأنه يبقى التصرف على حاله لكن تغيير النعوت الجورية بالنعوت العدلية

وإلى ذلك الإشارة بقوله : في ميم الختم يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا .

 

أما قيام العمد فعلى قواعدها الأصلية من رجال الدولة العثمانية لأن دولتهم باقية برجالها إلى ظهور العين في الشين هذا هو المعتمد عليه في الاصطلاح وهو المشهور عند أرباب الجفور ،

فلو كان خروج جور لكان يلزم منه الانقراض بالكلية ولكان الميم القائم بينهم يهتم في ظهوره بما لا يطيق من النعوت التي هي ضد العدل .

وقد انعقد الإجماع على أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا فلم يبق للخروج معنى إلّا تغير الجور والظلم بالقسط والعدل لا غير .

فافهم ما أشار إليه في الأصل بقوله : خروج عدل لا خروج جور

واللّه يقول : هداك بمنّه وكرمه ،

وقوله : وسنوضحه لك بعين نعرفك كيفية الاستخراج منها بوجه لائق من وجوه الفن الذي عليه الاصطلاح متى أردت الاستنباط لشيء من الآية

آلف حروف الطبائع لكل عنصر على حدته

ثم خذ عدد ذلك المجموع وعمر به جدول على قدر العدد واستنطقه ينطق بالمقصود وهذا الوجه أصح الوجوه كلها ،

وثم وجه آخر هو أن الجملة المجتمعة من الحروف المذكورة تتولد توليدا واحدا أو تجمع أعدادها جملة واحدة تقسم ثلاثة أقسام

فيطرح قسمان ويؤخذ القسم الواحد يعمر به جدول بقدره ويلقط منه 12 12 فإذا تم أدواره تجده ناطقا بالمطلوب واللّه الموفق لا رب غيره .

 

واعلم أن لهذه الدولة تأصيل نسب وعلو مرتبة بأصل صحيح يعلم منه شرف مقاماتهم العلية

وذلك التأصيل في الآية الشريفة في قوله تعالى :ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا[ فاطر : 32 ]

فقد دخلوا ضمن الآية الشريفة لكونهم من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم مع ما أشارت إليه الآية فلا شك أنهم في سلكها .

ومن التأصيل المشار إليه أيضا قوله تعالى :وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ( 105 ) إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ ( 106 ) [ الأنبياء : 105 ، 106 ] .

 

أما الصلاحية فهي بالنسبة إلى غيرهم من أصلح الدول بعد الصحابة والتابعين لوجود النعت فيهم وباعتبار انقيادهم للشرع الشريف وتمكينهم من رتبة العبادة والخدمة والصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وملازمة الجماعة وأتباع السنة وحسن العقيدة ،

وقلّ أين يوجد ذلك بكماله في دولة من الدول الذين تقدموا .

 

وأما لفظة لبلاغا فهي إشارة تقيد العلم بالوقت المنتظر وكفى بذلك شرفا ورفعة فمن أيقظه اللّه تعالى وفتح عين بصيرته رأى نعت الصلاحية فيهم ظاهرا ، أو سيظهر ذلك إن شاء اللّه تعالى وتشاهده عند ظهور دولتهم فافهم .

 

فائدة عظيمة لا يستغنى عنها :

اعلم أن ظهور هذه الدولة قد حكاه ونبه عليه صاحب الأصل في خطبة البيان بإشارة واضحة

وذكر مبدأ ظهورها الإحاطي في بكظ

وانتهاء ظهورها في دسغ

وأنها ستظهر على غالب المعمور من وجه البسيطة ويقهرون من ناوأهم وينتهي سير جنودهم إلى الجزيرة الكبرى  ويفتحها اللّه على يد م ح .

 

ومن المدن المنسوبة إلى معنى الإشارة وتفتح ميم بالتسليم وأخرى بهول عظيم وأخرى يحب رحيم وأخرى بالرعب العميم . .

قال  :  ويتسلسل ذلك الأمر إلى أن يظهر العلج الأصفر والطود الأصغر ويجمع الجنود على حصن النهر ويقابله ميم الصدر في السفن البحرية وعلى الخيول العربية ، فيغرق العلج وتهلك جنوده وينصر اللّه الميم

وبمصداق ذلك في عقد من عقود الآية الشريفة ، وسنذكر لتقسيمها قاعدة أخرى مقيدة فيها بلاغة عظيمة إذا أتقنت بإتقان الشافي أوضحت مكنونها ويثبت مضمونها وكشفت عن وجوه حقائقها ،

 

وذلك أن في كل عقودها جملة من الأسرار المودوعة في الحروف وفي نطق كل جملة من تلك الجمل حروف حوادث ووقائع وحركات ستظهر في آناتها محررة ، وهذه صفة التقسيم

( ا ل ف غ ، ل ب ت ، ا ل ر وم ف ي ، ا د ن ي الأ ، ر ض وهـ م م ن ب ع د ، غ ل ب ، هـ م ، س ي غ ، ل ب ون ، ف ي ، ب ض ع ، س ن ي ف ، للّه الأمر من قبل ، ومن بعد ، ويومئذ ، يفرح ، المؤمنون ،بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ[ الروم : 5 ] ،

هذا تقسيم مخصوص لأعداد مخصوصة بطريقة غير الأولى لمن يعيها

فيأخذ من كل جملة أعداد مدة من المدد المعلومة المنصوص عليها وقد حرموا كشفها للعامة

فلا قائل بالتصريح على ما جرت به العوائد للقوم ،

ولقد رأينا من تصدى لاستخراج تلك المدد وتبيان وقائعها وحوادثها فأغني المبتدىء عن علاج القواعد والأحوال فتظهر له من باطن الأحرف عجائب وغرائب تنبىء عن كل شيء ،

وألف في ذلك ورقات لطيفة يذكر فيها أسماء الأفراد في كل دورة من أدوار المدة المقدرة حتى حال به جواد البيان ،

وقلب الأعداد إلى ما وراء المدة المقدرة وأركزه على مركز الغاية المنبه عليها بقوله تعالى :وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ[ الزمر : 68 ] .

ثم إلى غاية الغاية المنبه عليها بقوله تعالى :ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ[ الزمر : 68 ] ،

فمن وقف على سر هذه الآية الشريفة عرف الأمر على ما هو عليه ، وكشف أسرار الدورة الآدمية جليها وضغينها ووجب عليها الستر رحمة لأهل الدائة الحية ، وإلا تعطلت معايشهم بالكتم لما في إظهار ذلك من الضر ،

وإذا أميط عنه حجاب الستر لأن الحجاب رحمة لأهل الدائرة الحسيّة وإلّا تعطلت أمور معايشهم وتصير أبصارهم طامحة إلى رؤيا ما لا قدرة لهم عليه ،

فالكتم أفضل والستر أولى ، وأرباب الحقائق ما اصطلحوا إلّا على التنبيه بأنواع البيان وأحالوا أتباعهم على معرفة الأصول التي هي المفاتيح لا غير ،

وعرفوا أن من حذا حذوهم واقتفى أثرهم يلحظ بعين بصيرته ما تضمنته تلك الأصول ، وبهذا المقتضى صارت الحكمة والمعرفة في الأفراد واشتغلوا الناس في العموم بما هو الأولى والأحرى في حقهم ،

وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى :لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا[ الزخرف : 32 ] .

من التسخير في المصالح الكونية التي فيها حياتهم . وسلطان الجمهور هو الأمل الباعث على حركات الهمم لتعمير المراتب باختلاف المرادات إذا الحكم مختلف ،

وإن كانت العين واحدة بالاتفاق فالأصل هنا له السلطة لقوة تصريفه بنور الوهم الحاكم على مطلق مراتب الوجود ،

فالأمل يحمل صاحبه على تعمير الرتب ، والوهم يحمله على تحصيل ما يخاف فوته من المرادات إذ لولا الأمل ما أحدث شيء ،

ولولا الوهم ما خاف الملكين من هو أعظم منهما في المملكة الإنسانية يسمّى اليقين يقوم في صورة الإنسانية ،

فيغلب الأمل والوهم ويطويهما طيا كليا ، وقيامه في الصورة على قاعدة عظيمة هي الإيمان الباعث على الذوق يجر إلى الشوق والشوق يجر إلى العشق والعشق يجر إلى الكشف والكشف يقضي إلى الثبوت والثبوت يفضي إلى الرسوخ والرسوخ هو المشار إليه بقوله تعالى :وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا[ آل عمران : 7 ] ،

وأربابه هم أهل التمكين الذين عرفوا الأمر على ما هو عليه وفصلوا مجمله وأجملوا تفصيله ،

فهم ناظرون إلى ما وراء الأستار مشاهدون لما بطن وما ظهر من الأسرار قائمون بمطلق المراتب من غير تعطيل ،

قد فازوا بأسرار تجليات الأسماء من تمثيل لا يخرجنهم الفزع الأكبر ،

ولا يغير بواطنهم الهلع إلّا ظهر لأنهم محل جريان الأقدار ومجالي الظلمات والأنوار وقد عثروا على العين الخضرية فيشربوا وطابوا كلما لاح لهم في الدائرة الخلقية بارق حادثة حملوها على ما كشف لهم من أسرار أسباب حدوثها ،

فهم بهذا الحكم في عين البقاء وما سواهم بالتبعية لهم على قدر مراتبهم ،

وبهذا يتضح لك سر طروء الحوادث كائنة ما كانت ووقعها في الآيات المختلفة بحكم اختلاف الاقترانات الفلكية كما قررناه سابقا .

وحيث انتهى البحث إلى هنا فلنرجع إلى ما نحن بصدده من تبيان الحوادث والوقائع المودوعة في رموز الشجرة التي نحن بصدد بيان أسرارها فنقول وباللّه التوفيق وهو الهادي إلى سبيل خير فريق :

اعلم أيدك اللّه بتأييد العصمة أن بعض الفضلاء من المطلعين على الأسرار الحرفية والكنوز الجفرية ألف ورقات لطيفة فيما يتعلق بالحوادث الكليات الكبار ،

وأسس تلك الورقات على حروف أبي جاد ، فجاءت مطابقة لحوادث الربع المعمور من البسيطة لأنه جعل لكل قطر من الأقطار قاعدة مبنية على حرف أو حرفين من حروف أبي جاد ،

وأعطى لكل قرن ما يليق به من تلك الحروف التسعة والعشرون بحسب طبيعة ذلك المنظر وقابلية أصل ذلك القرن ، فلا تكون حادثة في قطر من الأقطار في قرن من القرون وإلّا بسر قيام أهل يخصه من تلك الأحرف ،

وجعل مثال ذلك في دائرة مربعة الأركان غير مستديرة الشكل بل مسدسة في عين التربيع ، لم يراعي فيها إلّا تصور أسماء الحوادث في صور الأشخاص القائمة في الوقت وعدل عن بيان الأسماء مجردة 

وسماها دائرة الخطوط في الأمر المربوط وهذه صفتها :

فانظر في كل حرف على انفراده ، واعرف مركزه وخذ من كل نقطة نقطة اسم شيء يظهر عند مخضه وتوليده ، يتصور بين يديك جملة من الحوادث الكليات المودعة في جدران الحروف والأعداد ،

واعلم أن الابتداء في العمل من ركن المحراب ، وحرف الألف والهاء والطاء والميم والفاء والشين والذال المعجمة ، ويمشي على اليمين إلى الظاء وهو حرف الغاية من عنصر الهواء الذي عليه المدار في الحركة ،

ولما اطلعت على هذه الدائرة المربعة ووجدتها مثمنة الأركان اخترت تربيعها في صورة أخرى وقسمت الحروف على أركانها الأربعة

بهذه الصورة كما ترى :

وقد اطّلع عليها بعض العارفين فأعجبته لما في طيها من الأسرار العجيبة والأمور الغريبة ، فلكل ركن من الأركان سبعة أحرف طبيعية تؤخذ أعداد أولادها المنوطة منها وتجمع جملة واحدة ويدخل بها الطالب إلى جدول مناسب ويعمر بها ويستنطقه ينطق بحادثة الوقت التي تخص ذلك الركن ، فتدبر ذلك واعمل بمقتضاه ترشد إلى سواء السبيل .

 

واعلم أيها المريد المسترشد أن بين يديك عقبة كؤود لا يقطعها إلّا كل ضامر ، وهي أعظم العقبات المانعة عن الوصول إلى معرفة أسرار الحروف يقال لها عقبة الاشتراك بين حرفين ، لأنه قد يتفق الاشتراك بين حرفين في قطر من الأقطار ، ووجه التخلص من هذه العقبة أن يؤخذ عدد الحرفين ويضرب في مثله ، ثم يضرب المجتمع أيضا في مثله ، فتظهر جملة جامدة تسقط تلك الجملة 99 والباقي بعد الإسقاط هو الحرف الذي لا يقبل الاشتراك ، فاحكم به على قطره وهذه قاعدة عظيمة فاعمل بها ترشد إلى الطريق والصواب .

 

واعلم أنه إذا تمت أعداد بضع سنين يفتح باب ( هـ م ب ع م ) يلزم من فتحه حصول جملة من المتاعب لا تزال تزداد وتنمو شيئا فشيئا إلى الميقات المعلوم ،

فمنها في ( ز ن ) لأن شق العصا وتفريق الكلمة عند من عصا خصوصا في الحروف الأربعة التي هلكت الأشرار ولولا أطيار الأعشاش طاش من طاش وعاش من عاش ، فالقاف الراحل مخرب المنازل

والقاف القائم مجده ملازم وحزن الناس على صعب المراس وظهور النساء في صور الرجال وبال وأي وبال ،

والجزيرة البحرية تفتحها المراكب السحرية ، والحاء المصري يظهر مع البوم لأهل الروم ،

وحرف السين يقود الجيم للعراك وهو لا يعلم ما هناك ، أما حرف الميم فأمره عظيم إذا تعددت أشخاص الميم في الميم قويت شوكة الأخيار وذلت الأشرار ، تنبه يا نائم للأمر القائم ولا تغفل يا مطلوب لأنك المخطوب ،

إذا باح الميم بسر التعليم ارتجت الكنانة بخطب عظيم لا شك ولا خفاء أن الطرف غفا عن حادثة البرق في الشرق قيام الميم بنعت الخلاف

يوجب تحريك الأطراف وخروج الخان على ميم قرمان يحرك صاحب الإيوان على طلب ، وإن رب الممالك مالك وضد وقته هالك ، لا يخدم الملوك إلّا كل مملوك

 

ولا تعمر القاهرة بالفئة الظاهرة بالثالث الهوى أنت ممن غوا ،

لولا الدوا يا سادس الناس ركبك العار يا رابع الماء ،

قد بلغت السماء من تعدى حده تجاوز إلى ضده ،

ويح القاهرة إذا حكمت العاهرة ،

أما دابة الأرض فهي صاحبة الطول والعرض كيف يطيب العيش مع وجود الطيش ، إذا تفرقت القلوب تفرقت الأجساد ،

إذا كثرت الخصيان خربت البلدان ، إذا عمرت الخزائن خربت المدائن ،

إذا عمرت الأجداث حكمت الأحداث ، بين النون والسين يفتح التحسين ، أما عقد البيعة فلا يصح بالضيعة .

ولا يصح الأمان إلّا في صفاء الزمان باختلاف الفرقة ، تكون الفرق بكثرة الحساد يظهر حكم الإفساد ،

أما الكنانة فهي عش الأمانة إن سلمت من الخيانة لأن رجالها نبال رشاقة ،

وأعينهم رامقة يصفو لهم الوقت المعلوم إن خالفوا رأي البوم ،

أما التخليط فمن علة التفريط إن قويت حرارة الميم أحرقت كل زنيم ،

أما المشورة ليس فيها معيرة لأن الاتفاق يجمع شمل الرفاق والفرح الدائم عند انتباه النائم ،

كل حركة تكون في الكنانة من الفتنة الفتانة بسر عش القاف بجمع الأطراف على شرط الإنصاف بسر الائتلاف كيف الخلاص والطيور في الأقفاص ولآت حين مناص يا قائم نم ويا نائم ،

قم يا رب الباب احذر من الأصحاب وأكرم الحجاب والنواب ، يا مصري لا تؤاخي القصري لأنه غدار وغايته الفرار وعليه المدار .

هذا جميعه حال الاقتران والقمر في الديوان ، ومقابلة المشتري كيوان ترقب ذلك إذا أرغمت المعاطس وكثرت الأفاطس ووسوست القساقس وانتهى عدد غين فافهم ،

وإذا فهمت فاكتم .

وعليك باتباع الميم إذا تربعت قواعدها واشتد ساعدها وأعطت المدد

واعلم أن هذه الإشارة كلها بين قرنين كبيرين منحصرين فيما بين النون إلى السين وفي ألف السين ظهور النجم الأحمر فوق الجبل الأخضر ، يراه كل ناظر من يراه كل باد وحاضر

ويخشى على خدام ذلك النجم الفرار من كشف الأسرار ،

ويذبح القربان على باب أسوان إذا اجتمعت الفئتان ،

واتفقت آراء الغربان وجارت العربان ،

فالكنانة مصونة وأسرارها مكنونة كلما أطرقها طارق أو قصدها مارق رمي بشهاب ثاقب من رب المشارق والمغارب لأن عمدها قائمة وإمداداتها دائمة وهي الربوة المباركة التي لا تقبل المشاركة

قد أحاط بها جبل ق من جميع الأطراف قاف محيط بالأكناف فهو عالي الذرى لتربية أمجاد الورى

سيفشو أمره ويذاع خبره ترقبه في جوف الكنانة وهو محيط بها لكن ميقاته السين لكمال التعيين .

أما رابع النار فعليه المدار في حفظ الديار لا بد من الاتفاق على ترك النفاق ،

وفي دسغ العدد يظهر سر المدد

وذلك أعدل المدد لقرب الوقت المعلوم وحصول القدر المحتوم ،

إذا نفذ عدد الدسغ فاح شذا طيب الميم فلا يشمه إلّا كريم ذو عقل سليم ،

وليس أحرى لذلك الإسهام الكنانة المهيؤون لحفظ الأمانة ، وفي عين الغين ينصلح وجه البسيطة بالتمهيد المطلوب بكل حبيب يحكم محبوب ،

هذا ما دلت عليه الحروف في حيثية أعدادها واستنطاقاتها بحكم الاصطلاح المتفق عليه الجمهور ،

فانتبه لما أبرزته قدرة الباري سبحانه من أسرار الحروف والأعداد فافهم .

وقال بعض من اطلع على دائرة الشجرة النعمانية وحرر إشاراتها وأظهر مكنوناتها بالصناعة الحرفية ،

إنه إذا أخذت الغين الجامدة استحقاقها تختلف أحوال القاهرة من الحوادث المتواترة ، ويختل نظام قطانها وتتغير أهوية أزمانها وتنبت بها شجرة الخلاف تعم وتتفرق أغصانها ، في الأطراف وتثمر عدم الائتلاف بين الجواهر والأصداف ،

تلك شجرة الحنظل التي تقذفها النفوس وبظهورها تتفشى المظالم والمكوس ويتكرر الطاء المترادف بالعكوف ،

فالرجات مترادفة والحركات متقاربة ،

وهي مبنية على السالفة فالعين مخذولة وحرف الألف مقتول

والميم سيفه مسلول يقتضي الأسود وأمره غير مردود وعلى يده نقص العدد وإرغام أنف الوالد والولد

وإخراج فرقة بعض النواجذ من شؤم رأيهم الفاسد ويناصحه الميم والباء بلا مراء وهو خراب أول القرى ،

ويكون الدور والتسلسل في النزاع وظهور الابتداع ،

ولا تنسى رجة الحرم من الأوغاد وسهام الكنانة تأخذهم في الواد عند شجرة القتاد ، هل سهام الكنانة إلّا رجال النجدة وأرباب الحدة ،

سيظعنون منها وإليها يعودون بعزم متين ونصر عزيز وتمكين ،

أسس تلك الحركة قيام القاف بالجيم ، إلى الياء يقضي ذلك إلى اختلاف عظيم في الأمور ويفر القاف من الجيم ويرجع بأقبح رد غيبته ،

يريد الكنانة فيرده من يرهقه ويصده عنها إلى مغربها تقول برهة ويقضي فلا يعمر عشه بأفراخه إلى غير الغين ، تأمله تراه وترقبه تلقاه ،

أما قيام العرب من العجب لأنه ينتج النصب ، وتعطيل النفوذ من السود أكالين الكبود ، وتكرار وارد الباب من أعظم الأسباب للخراب ، إن صحت الجمعية هلكت الرعية .

 

إياك والغفلة فإنها رفلة ، كن في السواد الأعظم فإنك لا تندم بل تغنم ،

 

عليك بالبيت المعمور فإنه مغشى بالنور ، لا تفارق الكنانة تبقى وحيد وتستحكم فيك العبيد ،

وإذا رأيت القران الأول فاعلم أنه علامة واضحة أنوارها واضحة غير معاينة هي علامة ظهور الكردي النائم وملاقاته لميم قائم ،

ويستمد الميم من الكنانة بعدة الغين فيظعنون إليه ويجتمعون عليه ،

وينهزم الكردي بخربة ويرجع المصري على دربه بعد حربه يدخل الكنانة في رجب ، والناس من جهته في وصب ،

ولا تنسى حادثة الزوراء وما بعدها فإن لها سبع كرات حتى يجتمع الشتات ويذل شاه العجم لراعي الغنم ويؤخذ ولده أسيرا إذا خالف المشير ،

وسابع كرة عند اجتماع نجوم المجرة ،

وتسكن الحركات بالكنانة بصفاء الوقت برهة حتى ترد أخبار الكنانة من الروم بقيامهم على ساق واجتماعهم على حصن النهر ،

ومالكه إذ ذاك ميم ونصرته ميم وميم وميم وحاء وياء قديم ،

وتستمر الحرب بينهم ميقات والنار يضرمها الهياج والنهر متلاطم الأمواج والسبعة المجتمعة يهزمهم صاحب الراية المرتفعة ميم الحصن العثماني وصدر المقام الخاقاني والسابع منهم غريق وهلاك السفن من الحريق يا لها من وقعة هائلة ما شوهد مثلها في القرون الخالية الزائلة كيف لا ؟

وجنود أهل الطغيان مجتمعة من خلف هميان ، لا شك ولا خفاء إن عظيمهم القران الأكبر شناره مرتفع بصليب الجوهر ،

ثم لا تقوم لهم بعدها قائمة وهزيمتهم إلى الميقات دائمة ، عندها يلج الميم بالجيم دخولا إلى مدينة العجب وكنيسة الذهب ، يتم حصارها ميقات وتفتح في أشرف الأوقات الذي هو اليوم الأزهر في ساعة صعود الخطيب على المنبر ،

ويغنم الميم وجنده غنيمة ما غنموها قط إلّا في تلك الوقعة غاية الوقائع الإسلامية وما بعدها إلّا وقعة أصفهان مع جنود فارس وكرمان ،

 وينهزم رب الطيلسان بجنوده على شط النهروان ،

تلك نهاية حركات الميم صاحب القائم ، وقد تم دور المريخ وكيوان المنتظر في حكم القران،

ليت شعري هل علمت من يكون ذلك الميم هل هو إلا ليث الكنانة الصمداني المتصدر في سدة السين العثماني عهده مثبوت وعقده غير مبتوت

لتعلم أن الحركات التي تحصل في الدائرة أسسها ومعظمها جيم القاهرة ، هذا غاية ما نصه ذلك الحبر في معنى قوله : إذا أخذت الغين الجامدة استحقاقها كان وكان فافهم .

 

واعلم أن الغين الجامدة عدتها ألف سنة شمسية ،

والغين غير الجامدة زيادتها سين سين ،

وينتقل الحكم إلى قران آخر عجيب يتعين فيه كل أمر غريب ينسحب حكم الحوادث فيه إلى تمام القران الزائد الذي رأسه يظهر المجد الماجد صاحب القران الخاتم للأمر المهول اللازم ،

وقد تصدى بعض أرباب الفن واستخرج اسم الأفراد من الحروف والأعداد من دسغ العدد إلى نهاية قاف الغين فرد فردا

لكنه ما قيد الحروف بزمان مخصوص بل أطلقها في العموم والخصوص غير أنه ذكرها على التوالي حتى لا يدع عامه خالي ،

قال : إذا كان عام دال سين الغين بعمر عشر الحرف الإحاطي في الكنانة بالسبعة الشداد الذين هم أعيان الأفراد م م س س ي ق دورة ظهورهم من دسغ إلى دقع ، يظهرون للتعمير ولا ينبئك مثل خبير ،

سل عنهم صاحب الإمداد قوي الأوتاد المنبه عليه في دائرة الشجرة بأنه من البررة ، نجمه أزهر وقدره أفخر وعلمه أظهر ،

وبقية الحروف في ضمن دائرته تظهر يستمدون منه ويأخذون المجد عنه ، لكل فرد منهم نعت يخصه دون صاحبه وهذا نعت التخصيص م س ق ح ي إمداد فتأمل ترشد واللّه يتولى هداك .

 

واعلم أن هؤلاء الأفراد نعتهم هكذا كما ترى :

صلابة مدد سيار بصيرة قوة حلم يقين "ص م س س ق ح ي "

ثم يرث مراتبهم عشرة من دفغ إلى طمغ لكنهم ليسوا من عش واحد ،

تربيهم الكنانة في ضميرها فلا تظهرهم إلّا إذا عدم مشيرها ،

ترقبهم تجدهم حال الظهور في المجد والجمهور وهذه أحرفهم " ح ح ق م م س س ع م "

هؤلاء رجال التمهيد للفرد المجدد المجيد وعلى أيديهم عمارة القصور وسد الثغور وجباية الأموال وترتيب الرجال وحرب قطان المدن والجبال وحفظ الديار من الأهوال ورد جيوش المغرب الأقصى من المدينة الحادثة غربي الكنانة وملكهم المنعوت بالديانة ،

وأخذ المراكب البحرية في عتبة الإسكندرية والأمواج قائمة كالجبال والرياح تختلف على اليمين والشمال ،

يا لها من غنيمة ما أكثرها من نعمة ما أغزرها ، ونقمة على الأعداء الذين لا يبتغون الهدى ولا يستحقون النداء ولا يتقون أفعال الردى ،

تلك الواقعة سبب تخريب بلاد الصليب وقيام الأطراف على جزيرة القليب ، هذا في قران ثابت الطرف من هوله إلّا في قطر الكنانة فإن طالعها قد خص بالصيانة لا يقهرها قاهر ولا يظهر عليها فاجر ،

فهي محفوظة الأركان مخصوصة بالأمان والإيمان حتى تشرق الشمس من عين الروح إذا تعين نزوله في يوم العروبة من المنارة البيضاء كما هو منصوص عليه في الأصول المشيرة إلى ما ذكرناه آنفا ،

ورب قائل يقول قد دلت الأصول بالقرائن إلى عالم ط صنع وختمه ، فماذا تدل عليه بعد ذلك وهذا مما لا بأس به لأن الحوادث لم تزل مترادفة ما دامت الأفلاك دائرة بالحكمة ،

فإذا تمت الدورة الخيالية المثالية وأخذت استحقاقها بعقود المدة المقدورة العددية المشار إليها بلفظة قيام وينظرون تم الأمر وانتقل الحكم من ترتيب الحكمة إلى تدبير القدرة ، وينقضي طرد الحوادث بانقضاء الدورة الخيالية

لكن لما كان الأمر يحتاج إلى التنبيه على ما بعد عام قاف الغين إلى نفوذ عدد ينظرون

نقول إن: القاف إذا تمت شهورها وأيامها ربما واللّه أعلم تنحاز الممالك في أيدي البغاة من المتغلبين في كامل أقطار البسيطة .

وتستمر الكنانة في حصن الصيانة فتقوى شوكة قطانها حتى لا يدخلها دخيل ولا يتصرف فيها بديل

رجالها الأعيان عدتهم الغين الجامدة غير المتحركة ،

إذا آن أوانهم وتعينت أعيانهم شيدوا أركانها وكثروا أعيانها ،

فالفرد القائم إذ ذاك هو الميم ابن الميم من الأحرار لا من العبيد ،

رجاله رجال النجدة عدة الغين كما تقوم حوادث زمانهم جزئيات غير كليات لكثرتها ، فلا حاجة إلى ذكرها لعدم فائدتها ،

غير أن التنبيه على الأحرف الضابطة لأسماء الرؤساء منهم لا بأس به والأخرى منهم بالتنبيه على اسمه ما في هذه الدائرة :

"ع ح ح م م ق س " وهم سبعة لأنهم رؤس والجميع بالتفاق 70 8 8 40 40 100 10

وعليهم المدار في الخلاف والوفاق فافهم ،

الأمام والوراء هذا ما دل عليه نطق الأعداد المستخرجة من الأزواج والأفراد بالأصول الحرفية والقواعد الجفرية .

فاعلم ذلك واللّه يتولى هداك بمنه وكرمه ، وحوله رجوع واستدراك لما فيه الحاجة أكد من التنبيه على حوادث الوقت الذي بين الغين الجامدة والغين غير الجامدة والمدة الزائدة إلى تمام عدد القاف الجامدة ،

فنقول وباللّه التوفيق إن واضع الشجرة لم ينبه فيها إلّا على مقتضى حكم الوقت لا غير ، وذلك من القران الأول الذي نص عليه في قوله :

إذا انقضت قاف الجيم قامت ميم سليم إلى القران الثاني المشار إليه بقوله حيث يقابل المريخ كيوان في آخر درجة من الميزان ،

وأحال الاطلاع على ما وراء ذلك من الحوادث الكلية على فن الاستنباط من الأصول لكنه أنموذج الجميع ،

وقد نبهنا على بيان ما رمزه الشيخ رضي اللّه عنه في دائرة الشجرة بحسب الوقت والقابل فلا بد من التنبيه على أسماء رجال بين الغين والسين وإن تأخر محل التبعية فلا معيب

وهذه دائرتهم كما ترى :

ثم على سبع جداول حرفية تشتمل على أسرار خفية يفهم منها ما أغفله الشيخ وظن به فلم يذكره صريحا غيرة عليه كما جرت عادة كل واصف خبير ،

الجدول الأول :

جدول التقابل للحروف المشار إليها وهي حروف الكوكبين المشار إليهما في دائرة الشجرة بأنهما إذا تقابلا في آخر درجة من الميزان كان وصار وهذه صفة تقابلهما في الدرجة المذكورة بالاعتدال الطبيعي كما ترى :

 

والجدول الثاني جدول المقارنة وفيه الأحرف على غير النعت الأول فهي مقارنة فلكية تشير إلى أسماء أفراد الوقت الذي هو بين الغين والسين فافهم

وتأمل وهو هذا كما ترى :

لأن الأحرف تكون تارة بالمصادقة وتارة بالمضاضدة لكن على طريق مخصوصة خالية غير طبيعية فافهم .

الجدول الثالث جدول الاستبدال وهو جدول فيه الأحرف عربية بأعيانها وهي :

فتبدل الحرف بما في رتبة من العنصر الثالث حتى تتصور الأحرف ينظر فيها فكل حرف منها أول اسم من أسماء الأفراد أصحاب الوقت المشار إليه بأن فيه مقابلة المريخ كيوان في آخر درجة من الميزان وهم أفراد البطون أرباب المدد الذين يمهدون ويمدون أرباب السيف بالهمم وعليهم المدار فافهم .

 

الجدول الرابع جدول الاشتراك توضع فيه الأحرف جملة بأعدادها وأولادها ويصور منها الأحرف الجامعة للسيف والمدد ، هم خواص الأفراد بحكم الوقت في دائرة الكنانة وهذه صفاتها :

والإسقاط تسعة تسعة والفاضل مشيب عربي وهو الأسم الأول من الحرف فتدبره.

الجدول الخامس :

جدول طبيعي توضع فيه الأحرف عربية بأولادها دون الأعداد وتجمع كل حرف طبيعة على حدتها فيعطي لكل ركن حقه من الأحرف وتصور الأسماء من الحروف كما ترى:

فتظهر أسماء الأفراد أرباب المراتب في الكنانة بحكم ما بين النون إلى العين فافهم ذلك ترشد إلى وجه الصواب

واللّه يتولى هداك بمنه وكرمه وهو الهادي إلى طريق الصواب وهذه صفاتها :

 

الجدول السادس : جدول الأسرار وهو جدول توضع فيه الأحرف كما هي بقدرها عربية جامدة ممتزجة ببعضها سطرا واحدا أو ترد العجز على الصدر حتى يصير الأخير هو الأول بعينه وتجمع أعداد الجميع جملة واحدة وتقسم جملتين بالسوية وما زاد ينزل فيصور من كل من جملة اسم أو اسمين أو ثلاثة مثلا فافهم واللّه الهادي إلى طريق الرشاد .

ا ك ل ى م ور ا ر ن ى خ ك ى وا ن

لا تزال إلى ترد صدره على عجزه حتى يظهر زمامه بعينه وتسلك به المسالك كما تقدم. فإفهم

 

الجدول السابع : جدول الأسرار وهو جدول توضع فيه الأحرف كما هي بقدرها بعد توليدها ، والأخذ منه العاشر دأبا على التوالي من أعلاه إلى أسفله حتى لا يبقى فيه حرف ثم انظر في الأحرف الملقوطة من العاشر للعاشر وتضم إلى بعضها وتركب أسماء فيظهر من تركيبها أسماء حوادث عجيبة ووقائع غريبة ، فاعمل بهذه الجداول السبعة ترى عجبا عجيبا وأمرا غريبا لأن الإشارة في الكوكبين جمعت أسرار الدائرة ، واعلم أن الكوكبين إشارة إلى رجلين نحسين يظهران في معرض المضاددة والمباينة والصورة صورة المصادقة ، وذلك هو النفاق الصريح وظهوره هو النعت القبيح وإليه الإشارة في دائرة الشجرة بقوله :

 

ويظهر الشقاق بين الرفاق : واعلم أن ميقات ذلك ما بين النون إلى السين نفوذ عدد غين ، أما بعد سين الغين فحكم آخر غير النفاق المشار إليه ،

فمن أراد أن يعرف شخصي الكوكبين النحسين المشار إليهما ،

فليأخذ عدد أحرف الكوكب الواحد دون الآخر ويضرب العدد في نفسه فيتصور له جملة جامدة يركب منها أحرف الاسم ضرورة ، ويفعل بأحرف الكوكب الثاني كذلك فإنه يعرف الاسمين كل واحد على حدته ،

وإن تعذر النطق فهو بالخيار إن شاء ولد أحرف النطق واستطرد حتى يظهر الاسم صريحا ، وإن شاء أبدل الأحرف من العنصر الثالث من رتبته يظهر لك صريحا ، وكأني تلمحت طريقة في بعض الأصول تجمع أسرار الدائرة كلها جليها وخفيها وتوضح مكنوناتها .

 

وذلك أن الشيخ رضي اللّه عنه رمز في حروف الدائرة التي بين الدائرتين وأغمض الرمز عند قوله :

دائرة كرة مصر مقدار أفقها لا تزال بادعة ومع حكامها مخادعة ولأثقال الأمور موادعة حتى يقابل المريخ كيوان في آخر درجة من الميزان تخرج من يد آل عثمان ، واعلم أن السر المكتوم المكنون في هذه الأحرف من الدال إلى النون ، فطريقة استخراج ما فيها من الأسرار الخفية أن تؤخذ أعداد الأحرف كلها جريدة واحدة بالجمل الكبير وتعقد جملة واحدة ويزاد عليها قدرها مرة واحدة ويعمر بها وفق الكاف بشروطه ويلقط 12 12 أدوار حتى يتم لقطة ينظر في الأحرف الملقوطة فتعزل كل طليعة وحدها .

 

أما الأحرف النارية ، فيركب منها أسماء أرباب السلاح ،

وأما الأحرف الهوائية فيركب منها أسماء قسم عطارد ،

وأما الأحرف المائية فيركب منها أسماء علماء الوقت ،

وأما الأحرف الترابية فيركب منها أسماء رجال الوقت لأن الثبوت والرسوخ لهم ،

 

وقولنا يركب من الأحرف أسماء كذا وكذا فيحتاج إلى معرفة صناعة التركيب للأسماء من الأحرف المذكورة لأنه تارة ينطق الحرف بأول حرف من الاسم كالسين مثلا من اسم سليم أو الدال من اسم داوود والميم من اسم محمد هذا وجه .

 

وتارة يكون الحرف الناطق في عدد غير الناطق في بدله من ثالث عنصر ، وبهذا يتضح لك سر وضع الحروف في الدائرة وتركيبها كلمات ناطقة من دائرة كرة مصر إلى لفظة عثمان ،

وأما ما زاد على ذلك في بعض النسخ كقوله بعد لفظة عثمان :

خروج وعدل لا خروج جور

فذلك ليس فيه رمز بل فيه إشارة إلى أن الخروج ليس على ظاهره كما يظنه من لا معرفة له بالاصطلاح ،

فالخروج هنا على الحقيقة من الجور إلى العدل لا غير لكون الميم الخاتم القائم على ظهوره رحمة لأهل الإيمان ونقمه على أهل الكفر والطغيان ،

قيامه لتجديد الشريعة وسد الذريعة ، وأعظم أنصار ميم السين العز والتمكين صدر الصدور الخنكارية وأمين الأسرار العثمانية ترقبه تراه إذا سبق رب الباب ،

وهو بأرض دارب يجتمع على سميه ببلدة قونيه الرومية ويبايعه ببيعة يتربصها رب الباب ويحققها بتكميل عدد الأصحاب ،

ذلك أوان السرور وزمان الرضا والحبور ، كيف يقال إن ميم الختام يتعرض بطريق التغليب لا صلح حكام الأنام في الإسلام

حاشا وكلا أن المنعوت بالفضل الموصوف بالعدل يعدل عن الصراط المستقيم أو يميل عن الخط القويم ،

لا سيّما وقد نعته سيد الأكوان وأشرف ولد عدنان بأنه المحيي للسنة والفرض وأنه رحمة لأهل الأرض ،

وقد ثبت عند علماء الحقيقة ومشايخ الطريقة بأنه يظهر في آخر الزمان وتقبل راياته من قبل خراسان وسواد راياته من السؤدد لا من السواد ،

وقائد جنده أعظم الأفراد يقوم من وراء النهر في عدة مستعدة وأمجاد أهل قوة وشدة حتى يوافي شط الفرات ويقابل أبطال الغزاة ،

 يا لها من فرحة ما أعظمها وجملة أعياد ما أكرمها ، هذا والميم الخاتم الأعظم بين الركن والمقام وزمزم ينتظرون الوقت المعلوم وإن برز له من الحضرة مرسوم يأتيه الإذن بالظهور في أشرف الشهور فيأتي بخواص أصحابه الكرام إلى غوطة الشام ، ثم ينتهي سيره إلى عين تاب ويجتمع عليه قبائل الأعراب ،

فإذا وصل قونيه الحصينة يجتمع به صدر الباب العثماني على الرضا والتسليم عن إذن سين سليم الحميم .

هناك اتفاق الأمراء على الفتح المبين الخاتم لفتوحات أهل اليمن ،

ذاك هو الفتح الموعود به في الأصول لإعادة ذخائر بيت المقدس وكنزه المنقول بعد خراب رومية وهدم البيعة الذهبية ،

وهي أعظم مدينة يغنمها جند الميم ، وهذه صفة البيعة وبيانها للتعليم والتقسيم صحيح .

 

أما التعليم فهو الإعلام بالسر المكتوب

والتقسيم لبيان الأحرف المرقوقة لأربابها في الأس القديم واسم البيعة هيكل أهل الطغيان وحزب الشيطان وعباد الصلبان .

بعد هذه الوقعة لا تقوم لهم قائمة وهي الوقعة الخاتمة

يرجع منها ميم الختام وميم الصدر المقدام إلى كاف القاف الجامع للأطراف المحفوظ الأكناف.

معقل الدين الحنيف ومقام العز والتشريف ينفرد بالمقام فيه ذلك المقدار مع سين الوقت القائم في بابه بأتم النظام ،

ويرجع صاحب الديوان إلى مستقره مع يحيى صاحب سره الذي لم يقف أحد على حقيقة اسمه ومقره ، معلوم عند علماء الرسوم ،

وعند ذلك تندمج الميم في العين ويزول العرض من البين

وينفرد العين بالملك دون مشاركة ، ومدته هي المدة المباركة

وقد قلت في ذلك قصيدة :

يقوم بأمر اللّه في الأرض ظاهر        ....        على رغم شيطائل يمحق الكفر

يؤيد شرع المصطفى وهو ختمه   ....   ويمتد من ميم بأحكامها يدري

ومدة ميقات موسى وجنده   ....   خيار الورى في الوقت جلوا عن الحصر

على يده محق اللئام جميعهم   ....   بسيف قوي متين عسى تدري

حقيقة ذاك السيف والقائم الذي   ....   تعين للدين القويم على الأمر

لعمري هو الفرد الذي سريانه   ....   بكل زمان في مظاهره يسري

تسمى بأسماء المراتب كلها   ....   خفاء وإعلانا كذلك إلى الحشر

أليس هو النور الأتم حقيقة   ....   ونقطة ميم منه إمدادها يجري

يفيض على الأكوان ما قد أفاضه   ....   عليه إله العرش في أزل الدهر

فما تم إلا الميم لا شيء غيرها   ....   وذا العين من نوابه مفرد العصر

هو الروح فاعلمه وخذ عهده إذا   ....   بلغت إلى مد مديد من العمر

كأنك بالمذكور يهبط راقيا   ....   إلى ذروة المجد الأتيل على القدر

بذا قال أهل الحل والعقد فاكتفي   ....   بنصهم المثبوت في صحف الزبر

فإن تبغ ميقات الظهور فإنه   ....   يكون بدور جامع مطلع الفجر

بشمس تمد الكل من ضوء نورها   ....   وجمع دراري الأوج فيها مع البدر

فلا تك في ريب مريب لريبة   ....   قد ودمع الأوهام والحدس والفكر

وخذ محض علم الحق من أحرف بدت   ....   عن الفرد المغرور للحجب في حذر

مبنية في مخضها وانبساطها   ....   وتوليدها والشفع يخبر بالوتر

وصلّ على المختار من آل هاشم   ....   محمد المبعوث بالنهي والأمر

عليه صلاة اللّه ما لاح بارق   ....   وما أشرقت شمس الغزالة في الظهر

وآل وأصحاب أولي المجد والتقى   ....   صلاة وتسليما يدومان للحشر

.

تنبيه وإشارة لإيضاح حقائق الأمور

اعلم أيها الطالب لإيضاح حقائق الأمور قد جرت عادة أرباب الحقائق وأصحاب الطرائق بالتقديم والتأخير ولا معيب عليهم

في ذلك لأنها قاعدة كلية عليها اصطلاح الجمهور لإسبال الستور على البدور ،

وذلك من مقتضيات الحكمة فلو ذكروا الأشياء على التوالي لكان ذلك قادحا في كونها حكمة ولكون العلوم السرية لا تكون إلّا هكذا بالتقديم والتأخير وخلط الكلام على غير العالم النحرير ،

وفائدة ذلك دوام تعلق الخاطر والآمال بالبحث عن مجهولات الأمور ،

والنفوس مجبولة على حب طلب العلوم الخفية لما فيها من الاستعداد والقبول لذلك الأمر الخفي ،

فهذا هو السبب الخاص بهذا الفن وغيره ،

وحيث انتهى بنا القول إلى هنا فلنرجع إلى دقائق ودقائق أعداد الأحرف المركبة من الدال إلى النون التي بين الدائرتين من الشجرة الأصليّة فنقول وباللّه التوفيق ،

إذا أحصيت الأعداد كلها وجمعتها بالجمل الكبير جملة واحدة من الدال إلى النون كما ذكرنا ونبهناك عليه ،

فاقسم ذلك العدد وتلك الجملة أربعة أقسام صحيحة .

 

وخذ القسم الواحد وعمر به جدول الدال واستنطقه ينطق لك بأحرف عربية فيها غرائب وعجائب تخبرك بحوادث ووقائع وأسماء رجال إذا ركبتها تركيب الاصطلاح بالاعتدال الطبيعي ،

ومن أعجب العجب أنك إذا عالجت الأقسام الثلاثة

بما عالجت القسم الأول تظهر لك الأحرف غير ناطقة ،

ولو ركبتها إذا أبدلتها بحكم الطبيعة فإنها تنطق وهذه نكتة عجيبة ،

وفي عشر العدد إذا قسمته أعشارا ما هو أبلغ من هذا ،

وجدوله جدول الياء فاعرف قدر هذه الأصول ولا تفش سرها لغير أهلها ،

فإن حروف النسق الذي ذكرناه ما تركبت إلّا على جمل من الأسرار الكونية فالحروف لها كالأصداف للجوهر لا يبلغها إلّا الغواصون المشار إليهم بقوله تعالى :"وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ"( 43 ) [ العنكبوت : 43 ] .

الذين يذوقون حلاوة العلم بأنواع التبيان كما قيل في ذلك :

دعني بالتلويح يفهم ذائق   ....   غني عن التصريح للمتعنت

لكون المتعنت لا يطلب إلّا التصريح بالأمر والتصريح تارة يكون حراما وتارة يكون كفرا وتارة يكون جائزا

ولا يكون حلالا إلّا فيما مدحه الشرع لا غير فمن طلبه في كل المواطن ،

كان جاهلا بالأمر ولا كلام لنا معه ، فقد تقرر بهذا البيان أن علوم الأسرار مبنية على الكتم دون الإفشاء في الأصول المقررة في الإنشاء فافهم .

واللّه سبحانه وتعالى أعلم ،

وربّ قائل يقول : ما فائدة تأليف الكتب والرسائل وتصنيفها وقد قلتم بالكتم وعدم الإفشاء وأحلتم على معرفة الأصول والذوق الصحيح ،

الجواب : أنه لم تزل علماء الأمصار وأقطاب الأعصار يتنافسون في تأليف الكتب والرسائل ويودعونها جواهر العلوم النفيسة ويقيمون أساسها على قواعد الرموز والألغاز والإيحاء والتلويح والمجاز ،

ويبتغون مفاتيح تلك العلوم لأربابها كل ذلك صيانة للأسرار وحفظا لذخائر الأخبار ، فالكتم أولى والرمز أجلى والتلويح أعلاه حتى يتعين كفؤ كريم ، هذا جواب من أنكر على الرموز والألغاز وطلب بيان الحقيقة من غير المجاز فافهم .

واللّه سبحانه أعلم ولنختم هذه الرسالة بخاتمة وجيزة إجمالية ، نذكر فيها أسرار القران الذي يتعين في عام سين الغين وتتكرر شواهده مرات عديدة إلى مدة مديدة ذلك باجتماع أعيان الكواكب في مركز واحد تظهر نتيجة ذلك القرن إذا ظهرت العلامة السماوية حمرة لائحة ،

وهي إشارة واضحة من أحكام قيام الأعراب على ساق وظهور صاحب الرستاق يفني عددهم ويقطع مددهم ويرجع إلى عشة بالكنانة ويكون مر عشر الحرف الإحاطي ،

وذلك أوان اجتماع الآراء على رأي واحد ينعقد ذلك الرأي عقدة لا تنحل في دائرة القاهرة وهي الآية الباهرة يأتي الكلام على حوادث ما بعدها في مختصر الرسالة فافهم واللّه سبحانه وتعالى أعلم والحمد للّه أولا وآخرا .

 

تنبيه وتقرير لما سبق

اعلم أن معظم الحوادث بالكنانة بعد بغي لكونها تفتح باب الغي وتترادف الحوادث إلى عام فرض ،

فمنها حدوث الطاء وتكراره مرات ويفتح باب الغي رحيم الكنانة إذا حصل القران الأصغر فترجم له قاف ذميم يتلوه ميم في عدد زي سنين

يقوم بشد الغارة بالنفس الأمارة وعلى يده فتك بأرباب الإمارة تاريخه زيغ وبعده نفتح الفردة الأخرى من الباب في توقع نزع فيعم الجور برا وبحرا ،

قال في أضلاع الشجرة إذا عمرت أسوان وحكمت النسوان وكثرت الخصيان وكبرت الغربان ضعفت غلبة السلطان واختلفت آراء صدور آل عثمان هذا إذا ظهر النجم الطويل وصار الطبيب عليل . .

قال شارح المفتاح :

أسوان من مصر حصن البربر قديما ثم ملكها فقط الرومي الأكبر وجعلها حصنا له ولجنده ، ولما ظهرت الملة الإسلامية وكان القرن في الميزان وإن أوان فتح البلاد المصرية

كانت أسوان من جملة الحصون التي فتحها المسلمون ، وكان عامل مصر إذ ذاك عمرو بن العاص وهو أمير القوم على مصر ونواحيها ،

فلما تم فتح مصر وما حولها من المدن والقرى كتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يبشر بما فتح عليه وذكر أسوان بصفتها وقوة حصنها وأن الصحابة رضي اللّه عنهم هدموا أسوارها حتى لا تؤخذ مرة أخرى فلما قرأ أمير المؤمنين الكتاب دفعه إلى سيدنا الإمام علي رضي اللّه عنه وكرّم وجهه فقرأه واستوفى قراءته

ثم قال : نعم عندي علم أسوان به أخبرني سيد ولد عدنان وأخبر أنها تصير خرابا إلى آخر الزمان حتى يتم عدد غين الجامدة دون المتحركة بتمام عشرة بعدها يظهر حرف الياء الترابي من قبل صاحب مصر فيعمرها ويحفل بها لكنه لا يتم تعميرها ويقضي ، ثم يقوم عين بعد برهة من الزمان فيتم تعميرها وتصير معقلا عظيما وهي على جانب البحر بالوجه الجنوبي من الكنانة

وقوله في الشرط المذكور :

إذا عمرت أسوان كان وكان نظرا إلى ما يحدثه الحق سبحانه وتعالى حال الاقتران في الأكوان ، لكون أن الباري عزت عزته وجلت قدرته أودع أسراره في اقترانات الكواكب وأعظمها الكواكب

 

السبعة المشار إليها وهي :

زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر

إذ قد أودع الباري سبحانه وتعالى في كل منهم سرا من أسراره يظهر أثره في قطره المخصوص به وذلك مشهور عند أرباب الفلك ،

وقوله يكون ويكون من طريق إخباره ، طابق ذلك العلم النجومي واستنبط فيه ظهور طالع النساء بالاستيلاء على مراتب الرجال والتحكم فيها بلا مجال ،

فلذلك قال تظهر النسوان وتكثر الخصيان نظرا إلى اقتران الزهرة بعطارد ،

وقوله : تضعف غلبة السلطان ، ذلك من تصرف من ليس له رتبة التصريف في ذلك اختلاف أمور الكون وإشعار بنقض وإبرام ،

وقوله :

الغربان فلا ندري أهي إشارة إلى كثرة المفاسد من الغربان كما هو المفهوم من ظاهره أو تكون إشارة إلى قوم نعوتهم تشبيها بهم واللّه أعلم بحقيقة الحال .

 

في رمزه قيام الروم بدليل العلوم قد ذكره الإمام الصفدي في رسالته ونبه عليه أن يكون تمام نون الغين تفتح الجزيرة البحرية بالمراكب السحرية ،

وذلك إذا ظهر مسجون النساء عسى المساء ذلك الألف المطلوب المحذوف المعطوف على بقية الحروف قيامه بعد الميم وهو الأخ الحميم نعته رحيم يقوم بمنقبة فيها متعبة للعموم بدليل معلوم على يده فتح الجزيرة ،

يقوم بأمره ميم وصاد والجيم القائم لمصالح العباد والأجناد ،

ويستمر إلى عدد غين يا زين وبالكنانة رجفات وتجديد حوادث وآفات ورجات لولا رجال النجدة والحمية هلكت الرعية ،

وفيما بين النون والسين يظهر اليقين ورجال النجدة قطانها أعني الكنانة لتخصيصها بالإشارة الجفرية والطوالع الفلكية

وكون عقد دائرة الشجرة عليها دون غيرها ،

وأما القران الأخير المشار إليه في بحصولها في آخر درجة الميزان فانتظره في عدد فرض واكتم هذا الأمر ،

فإنه من الفرض فيما بين ذلك من الحوادث ما لا يحصى كثرته فتدبره واستنبط خبره من الأصول الحرفية والقواعد الجفرية ،

وقد ذكر شارح الميزان خبر هذا القرن إذا قابل المريخ كيوان في آخر درجة من الميزان وذكر الخروج لكن ليس على ظاهره كما تقدم ذكره

بل هو خروج عدل لا خروج جور بالنظر إلى تجديد الشريعة وسد الذريعة وذلك عند ظهور الختم المشار إليه في دسغ العدد وهو صاحب المدد ،

وأما الدولة العثمانية فلا انقراض بها إلّا بعد تمام ! يقع الجفرية فافهم واللّه أعلم .

 

تنبيه على أسرار عجيبة:

عند ظهور القران في أشهر عام النون اعلم أنه سيحصل في الكنانة رجات ورجفات يتكرر حدوثها إلى برج الميزان ،

وفيما بين ذلك تحريم الجيم مرات إلى تمام الميقات والظفر للحروف المائية للمناسبة بين الماء والهواء .

 

وأما الأحرف النارية

: ففي حكم طبائع الطوالع في ضنك وشدة ووهن لا يشاركهم غيرهم ،

ويستمر إلى غاية العام عام حاء النون ،

ثم يظهر نجم المسجون وهو صاحب السر المصون

ذلك حرف الميم الخاتم لاسم رحيم بظهوره يظهر سعد قطان الكنانة وتسكن الحركات برهة وهي آفة وأفرادها كامنة إلى قران آخر دسغ العدد

فاطلب المدد ولا تركن إلى أحد وسل عن عام الغين ينبئك بما فيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

، وقد تقدم ذكر حوادث إجمالية ينسحب حكمها إلى ايقغ فلا حاجة إلى تكرارها وقد تقدم التنبيه إلى فروع الشجرة النعمانية

وهنا تم بتمامها ولم يبق إلّا أحكام القران الأكبر بعد عام ايقغ وقد أفردنا له رسالة عجيبة سميناها الاهتمام بأمر الختام ،

واللّه سبحانه أعلم بغيبه وأحكم لا راد لأمره ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب وإليه المرجع والمآب والحمد للّه وحده وصلى اللّه على من لا نبيّ بعده محمد وآله وصحبه وسلم ،

........

ووافق الفراغ من كتابتها يوم الأربعاء المبارك ثاني عشر محرم الحرام سنة 1080 هـ على يد أفقر عباده وأحوجهم إلى عون ربه الجواد عبد القادر بن السيد محمد السرجاوي الحلبي الشافعي مذهبا نزيل جده . .

وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . . . آمين .

مطلب المهدي

هذا وإن خروج السيد المهدي عليه السّلام ، لا بد منه ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم وجاء بالسيد المهدي مع أشراط الساعة .

وبيان هذا اليوم المذكور هنا مأخوذ من قول النبي صلى اللّه عليه وسلم « إن صلحت أمتي فلها يوم وإن فسدت فلها نصف يوم »

"" يعني من أيام الرب المشار إليها بقوله تعالى :وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ[ الحج : 47 ] .""

 

قال بعض العارفين : وأول الألف محسوب من وفاة سيدنا علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه آخر الخلفاء لأن تلك المدة كانت من جملة أيام نبوته صلى اللّه عليه وسلم ورسالته فمهد اللّه تعالى للخلفاء الأربعة البلاد .

 

ومراده صلى اللّه عليه وسلم أن بالألف مدة سلطان شريعته إلى انتهاء الألف ثم تأخذ في ابتداء الاضمحلال إلى أن يصير الدين غريبا كما بدا ،

وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة في القرن الحادي عشر ،

فهناك يترقب خروج المهدي صلى اللّه عليه وسلم وهو من أولاد حسن العسكري ومولده عليه السلام ليلة النصف من شعبان يجتمع بسيدنا عيسى عليه السلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا ثمان وخمسين وتسعمائة سنة فصار عمره تسعمائة وثلاث وستين .

وعبارة الشيخ محيي الدين بن العربي رضي اللّه عنه في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات ،

قال : اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهدي ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللّه تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من ولد فاطمة رضي اللّه عنها جده الحسين بن علي بن أبي طالب ، ووالده حسن العسكري ابن الإمام النقي بالنون بن محمد التقي بالتاء ابن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ،

يوطئ اسمه اسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبهه رسول اللّه في الخلق بالفتح وينزل عنه بالخلق بضمها ، إذ لا يكون أحد مثل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أخلاقه واللّه تعالى يقول :وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[ ن : 4 ] .

 

وهو أجس الجبهة أقنى الأنف أسعد الناس فيه أهل الكوفة ، يقسم المال بالسوية ويعدل في الرعية ، يأتيه الرجل فيقول يا مهدي أعطني وبين يديه المال فيحشي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ،

يخرج على فترة من الدين يزع به ما لا يزع بالقرآن ،

يمسي الرجل جاهلا وجبانا وبخيلا فيصبح عالما شجاعا كريما ،

يمسي النصر بين يديه يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا ،

يقفو أثر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعطى له ملك يسدده من حيث لا يراه ، يحمل الكل ويعين الضعيف ويساعد على نوائب الحق ،

ويفعل ما يقول ويقول ما يفعل ، ويعلم ما يشهد ،

يعلمه اللّه في ليلة يفتح المدينة الرومية بالتكبير مع سبعين ألف من المسلمين من ولد إسحاق ،

يشهد الملحمة الكبرى مأدبة اللّه بمرج عكا يبيد الظلم وأهله ويقيم الدين ،

وينفخ الروح في الإسلام يعز اللّه به الإسلام بعد ذله ويحييه بعد موته ،

يضع الجزية ويدعو إلى اللّه بالسيف ،

فمن أبى قتل ومن نازعه خذل ،

يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه حتى ولو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حيا لحكم به فلا يبق في زمانه إلا الدين الخالص عن الرأي ، يخالف في غالب أحكامه مذاهب العلماء فينقبضون منه لذلك لظنهم أن اللّه تعالى ما بقي يحدث بعد أئمتهم مجتهدا ، وأطال في ذكر وقائعه معهم .

ثم قال : واعلم أن المهدي إذا خرج يفرح به جميع المسلمون خاصتهم وعامتهم ، وله رجال إلهيون يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء له ، يتحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده اللّه تعالى له ،

ينزل عيسى بن مريم عليه السلام بالمنارة البيضاء شرقي دمشق متكئا على ملكين ملكا عن يمينه وملكا عن يساره والناس في صلاة العصر ،

فيتنحى له الإمام عن مكانه فيتقدم فيصلي بالناس يأمر الناس بسنة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقبض اللّه المهدي إليه طاهرا مطهرا ،

وفي زمانه يقتل السفياني ويخسف بجيشه في البيداء ،

ومن كان مجبورا من ذلك الجيش مكرها يحشر على نيته ،

وقد جاءكم زمانه وأظلكم أوانه قد ظهر في القرن الرابع اللاحق بالقرون الثلاثة الماضية قرن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو قرن الصحابة ثم الذي يلي الثاني ، ثم جاء بينهما فترات وحدثت أمور وانتشرت أهواء فاختفى إلى أن يجيء الوقت الموعود ،

فشهداؤه خير الشهداء وأمناؤه أفضل الأمناء .

واللّه سبحانه وتعالى أعلم وبعباده أرحم . . انتهى يواقيت .