Published using Google Docs
02 - مقدمة المؤلف الشيخ الشعراني .كتاب اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للشيخ عبد الوهاب الشعراني
Updated automatically every 5 minutes

مقدمة المؤلف الشيخ الشعراني .كتاب اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للشيخ عبد الوهاب الشعراني

اليواقيت والجواهر وبالحاشية الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر للإمام الرباني العارف باللّه الشيخ عبد الوهاب الشعراني

مقدمة المؤلف الشيخ الشعراني .اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر الشيخ عبد الوهاب الشعراني

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه رب العالمين ،

وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وسائر الأنبياء والمرسلين ، وعلى آلهم وصحبهم أجمعين .

أما بعد : فيقول العبد الفقير إلى عفو اللّه ومغفرته ، عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني عفا اللّه عنه ، هذا كتاب ألفته في علم العقائد سميته “ باليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر “ حاولت فيه المطابقة بين عقائد أهل الكشف ، وعقائد أهل الفكر ، حسب طاقتي وذلك لأن المدار في العقائد على هاتين الطائفتين .

إذ الخلق كلهم قسمان إما أهل نظر واستدلال ، وإما أهل كشف وعيان ، وقد ألف كل من الطائفتين كتبا لأهل دائرته ، فربما ظن من لا غوص له في الشريعة أن كلام إحدى الدائرتين مخالف للأخرى ، فقصدت في هذا الكتاب بيان وجه الجمع بينهما ليتأيد كلام أهل كل دائرة بالأخرى ، وهذا أمر لم أر أحدا سبقني إليه .

فرحم اللّه تعالى من عذرني في العجز عن الوفاء بما حاولته والتزمته ، فإن منازع الكلام دقيقة جدا.

وقد قال الإمام الشافعي رضي اللّه عنه لأبي إسحاق المزني : “ عليك بالفقه وإياك وعلم الكلام.

فلأن يقال لك أخطأت خير لك من أن يقال كفرت “ وأنا أسأل اللّه العظيم كل من نظر في هذا الكتاب من العلماء ، أن يصلح كل ما يراه فيه من الخطأ والتحريف ، أو يضرب عليه ، إن لم يفتح له بجواب نصيحة للمسلمين .

واعلم أني لا آذن لأحد أن يكتب له من هذا الكتاب نسخة ، إلا بعد أن يطلع عليه علماء الإسلام السالمين من الحسد ، ويجيزوه ويضعوا عليه خطوطهم ، فإن عمري الآن قد ضاق عن كمال تحريره ، وأوصي كل من عجز عن الوصول إلى تعقل كلام أهل الكشف ، أن يقف مع ظاهر كلام المتكلمين ولا يتعداه ، قال تعالى : فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ [ البقرة : 265 ] وذلك لأن عقائد

....................................................................

[ الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر ]

[ مقدمة المؤلّف ]

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه رب العالمين ، والصلاة والتسليم على سيدنا محمد وعلى سائر الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبهم أجمعين .

وبعد فهذا كتاب نفيس انتخبته من كتابي المسمى “ بلواقح الأنوار القدسية “ الذي كنت

 

16 “

أهل الكشف مبنية على أمور تشهد ، وعقائد غيرهم مبنية على أمور يؤمنون بها . هذا ميزانهم في كل ما لم يرد فيه نص قاطع ، والنفس تجد القوة في اعتقاد ما عليه الجمهور دون ما عليه أهل الكشف ، لقلة سالكي طريقهم . ثم اعلم يا أخي أنني طالعت من كلام أهل الكشف ما لا يحصى ، من الرسائل ، وما رأيت في عبارتهم أوسع من عبارة الشيخ الكامل ، المحقق مربي العارفين ، الشيخ محيي الدين بن العربي رحمه اللّه ،

فلذلك شيدت هذا الكتاب بكلامه من “ الفتوحات “ وغيرها ، دون كلام غيره من الصوفية ، لكني رأيت في “ الفتوحات “ مواضع لم أفهمها ، فذكرتها لينظر فيها علماء الإسلام ، ويحقوا الحق ويبطلوا الباطل إن وجدوه ، فلا تظن يا أخي أني ذكرتها لكوني أعتقد صحتها وأرضاها في عقيدتي ، كما يقع فيه المتهورون في أعراض الناس فيقولون لولا أنه ارتضى ذلك الكلام واعتقد صحته ما ذكره في مؤلفه ، معاذ اللّه أن أخالف جمهور المتكلمين ، واعتقد صحة كلام من خالفهم من بعض أهل الكشف الغير المعصوم ، فإن في الحديث يد اللّه مع الجماعة ، ولذلك أقول غالبا عقب كلام أهل الكشف انتهى .

فليتأمل ويحرر ، ونحو ذلك إظهار للتوقف في فهمه على مصطلح أهل الكلام . وكان شيخنا شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه اللّه ، يقول : : لا يخلو كلام الأئمة عن ثلاثة أحوال لأنه إما أن يوافق صريح الكتاب والسنة فهذا يجب اعتقاده جزما ، وإما أن يخالف صريح الكتاب والسنة فهذا يحرم اعتقاده جزما ، وإما أن لا يظهر لنا موافقته ولا مخالفته فأحسن أحواله الوقف انتهى .

وقد أخبرني العارف باللّه تعالى ، الشيخ أبو طاهر المزني الشاذلي رضي اللّه عنه أن جميع ما في كتب الشيخ محيي الدين مما يخالف ظاهر الشريعة مدسوس عليه .

قال لأنه رجل كامل بإجماع المحققين ، والكامل لا يصح في حقه شطح عن ظاهر الكتاب والسنة ، لأن الشارع أمنه على شريعته انتهى ،

فلهذا تتبعت المسائل التي أشاعها الحسدة عنه وأجبت عنها ، لأن كتبه المروية لنا عنه بالسند الصحيح ليس فيها ذلك ، ولم أجب عنه بالفهم والصدر كما يفعل غيري من العلماء فمن شك في قول أضفته إليه ، وعجز عن فهمه وتأويله فلينظر في محله من الأصل الذي أضفته إليه فربما يكون ذلك تحريفا مني .

واعلم يا أخي أن المراد بأهل السنة والجماعة ، في عرف الناس اليوم ، الشيخ أبو الحسن الأشعري ومن سبقه بالزمان كالشيخ أبي

.......................................................

اختصرته من “ الفتوحات المكية “ خاص فهمه بالعلماء الأكابر وليس لغيرهم منه إلا الظاهر قد اشتمل على علوم وأسرار ومعارف لا يكاد يخطر علمها على قلب الناظر فيه قبل رؤيتها فيه ، وقد سميته بـ “ الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر “ ومرادي بالكبريت الأحمر إكسير الذهب ومرادي بالشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي رضي اللّه تعالى عنه .

أعني أن مرتبة علوم هذا الكتاب بالنسبة لغيره من كلام الصوفية كمرتبة إكسير الذهب بالنسبة لمطلق الذهب كما سنشير إلى ذلك بما نقلناه عن الشيخ رحمه اللّه في أبواب فتوحاته “ والكبريت الأحمر “ يتحدث به ولا يرى لعزته .

 

 " 17 "

 

منصور الماتريدي وغيره ، رضي اللّه تعالى عنهم ، وقد كان الماتريدي إماما عظيما في السنة ، كالشيخ أبي الحسن الأشعري . ولكن لما غلب أصحاب الشيخ أبي الحسن الأشعري على أصحاب الماتريدي كان الماتريدي أقل شهرة ، فإن أتباع الماتريدي ما وراء نهر سيحون فقط .

وأما أتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري : فهم منتشرون في أكثر بلاد الإسلام كخراسان ، والعراق ، والشام ، ومصر ، وغيرها من البلاد . فلذلك صار الناس يقولون : فلان عقيدته صحيحة أشعرية ، وليس مرادهم في صحة عقيدة غير الأشعري مطلقا كما أشار إلى ذلك في “ شرح المقاصد “ .

وليس بين المحققين من كل من الأشعرية والماتريدية اختلاف محقق ، بحيث ينسب كل واحد صاحبه إلى البدعة والضلال وإنما ذلك اختلاف في بعض المسائل كمسألة الإيمان باللّه تعالى نحو قول الإنسان أنا مؤمن إن شاء اللّه تعالى ، ونحو ذلك انتهى .

وكان سفيان الثوري يقول : أهل السنة والجماعة هم من كان على الحق ولو واحدا ، وكذلك كان يقول إذا سئل عن السواد الأعظم من هم وكذلك كان يقول الإمام البيهقي .

ثم اعلم يا أخي أن من كان تابعا لأهل السنة والجماعة يجب أن يكون قلبه ممتلئا أنسا باتباعهم ، وبالضد من خالفهم ، فيمتلىء قلبه غما وضيقا والحمد للّه رب العالمين ، وقد حبب لي أن أقدم بين يدي هذا الكتاب مقدمة نفيسة تتعين على من يريد مطالعته مشتملة على بيان عقيدة الشيخ محيي الدين الصغرى ، التي صدر بها في “ الفتوحات “ المكية ليرجع إليها من تاه في شيء من عقائد الكتاب ،

فإن الكتاب كله كالشرح لهذه العقيدة وتشتمل أيضا على أربعة فصول :

الفصل الأول : في ذكر نبذة من أحوال الشيخ محيي الدين بن العربي رضي اللّه عنه وبيان أن ما وجد في كتبه مخالف لظاهر كلام العلماء مدسوس عليه أو مؤول وفي بيان من مدحه وأثنى عليه من العلماء واعترف له بالفضل ، وذلك لأن غالب هذا الكتاب يرجع إلى عبارته رضي اللّه عنه .

الفصل الثاني : في تأويل بعض كلمات نسبت إلى الشيخ بتقدير ثبوتها عنه ، جهل أكثر الناس معانيها . وفي ذكر شيء مما ابتلي به أهل اللّه سلفا ، وخلفا ، في كل عصر من الإنكار عليهم امتحانا لهم وتمحيصا لذنوبهم ، أو تنفيرا لهم عن الركون إلى الناس وذلك لأن اللّه تعالى

......................................................................

واعلم يا أخي أنني قد طالعت من كتب القوم ما لا أحصيه وما وجدت كتابا أجمع لكلام أهل الطريق من كتاب “ الفتوحات المكية “ لا سيما ما تكلم فيه من أسرار الشريعة وبيان منازع المجتهدين التي استنبطوا منها أقوالهم ، فإن نظر فيه مجتهد في الشريعة ازداد علما إلى علمه واطلع على أسرار في وجوه الاستنباط وعلى تعليلات صحيحة لم تكن عنده ، وإن نظر فيه مفسر للقرآن فكذلك أو شارح للأحاديث النبوية فكذلك أو متكلم فكذلك أو محدث فكذلك أو لغوي فكذلك أو مقرىء فكذلك أو معبر للمنامات فكذلك أو عالم بالطبيعة وصنعه الطب فكذلك أو عالم بالهندسة فكذلك أو نحويّ فكذلك أو منطقي فكذلك أو صوفي فكذلك أو

 

“ 18 “

لا يصطفي عبدا قط وهو يركن إلى سواه إلا بإذنه .

الفصل الثالث : في بيان إقامة العذر لأهل الطريق في تعبيرهم بالعبارات المغلقة على من ليس منهم ، وحاصله أن ذلك كله خوف أن يرمى أولياء اللّه بالزور والبهتان ، فجعلوا لهم رموزا يتعارفونها فيما بينهم لا يفهمها الدخيل بينهم إلا بتوقيف منهم ، غيرة على أسرار اللّه تعالى أن تفشى بين المحجوبين كما أشار إلى ذلك القشيري في “ رسالته “ :

الفصل الرابع : في بيان جملة من القواعد والضوابط التي يحتاج إليها كل من يريد تحقيق علم الكلام إذا علمت ذلك فأقول وباللّه التوفيق .

.

الجزء الأول كتاب اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للإمام الرباني العارف باللّه الشيخ عبد الوهاب الشعراني