الحلقة الثآمنة عشر ~
حين أبدأ في التذكر ، أدرك فعلا أن هذا العام كان حافلا بالكثير .. لكن ربما علي أن أكتب شيئا عن أستاذ الكيمياء الأستاذ محسن ، إنه باختصار نموذج بشري صادق أصبح نادرا في أيامنا هذه .
كانت حصة التعارف هي أول حصة في يوم الدخول المدرسي ، رغم أني علمت أني سأدرس عنده هذا العام لأنه اعتاد على تدريس قسم هندسة الطرائق للسنة الثانية .. لم يكن الأستاذ جديدا علي بقدر ما كان التلاميذ ، فأنا لم أعرف أحدا اللهم إلا زميلة قديمة في المدرسة كان الاتصال قد انقطع بيننا. كان يتحدث حول تقديم المنهاج والشعبة والسنة الثانية عموما .. تكلم حول طريقة إلقائه للدرس ومنهجيته في العمل .. وحتى الآن لا شيء جديد لأنني درست عنده السنة الأولى ، أو بالأحرى فصلا واحدا فقط .. كان كافيا لأستخرج أدق دقائق شخصيته.
لا أعلم ماذا حل بي .. في وقت الدراسة كنت متحمسة للحديث عن تفاصيل جميلة مرت معي في حصص الأستاذ محسن هنا بين يومياتي ، لكني الآن أشعر ببرود رهيب يحيرني. لا أفهم لماذا حين نكون في موقف سعيد نتمنى أن لا يمضي الوقت أبدا وأن تتجمد عقارب الساعة في جدار الزمن إلى الأبد ؛ ثم بعد ذلك تمر الأيام وتختفي هذه الذكريات بدون إنذار .. لتعود فجأة وتطفو في أذهاننا في وقت لا يمكن لأحد أن يتوقعه أو أن يحسبه. الذكريات ، هذه الكلمة السحرية التي تبني سعادة البشر في ورشة الحياة القاسية المعبقة برائحة الألم.