Published using Google Docs
نُطيل العمر، لكنّنا نبقى مرضى دائمًا
Updated automatically every 5 minutes

نُطيل العمر، لكنّنا نبقى مرضى دائمًا

 قد يكون متوسط ​​العمر الافتراضيّ في إسرائيل في ارتفاع، ولكن متوسط ​​العمر الصحّيّ المتوقع آخذ في الانخفاض – هذا ما كشف عنه النقاب في تقرير السعادة العالميّ للعام 2013. هل من الممكن أن يكون الطبّ منشغلًا في اكتشاف الإمراض أكثر من انشغاله في التربية لنمط حياة صحّيّ؟ ميخائيل واينباس  17/11/2013

نُشرت في أيلول دراسة مثيرة وواسعة النطاق، فحصت مستوى السعادة لدى أكثر من 80،000 شخص في 156 دولة حول العالم: تقرير السعادة العالمي 2013، World Happiness Report 2013، صاغه معهد الكرة الأرضيّة في جامعة كولومبيا (Unsdsn) وقدّمه إلى الأمم المتّحدة. لا عرابة في أنّني أودّ التركيز في معيار بالغ الأهمّيّة أُدرج في هذه الدراسة، مع أنّ معظم الإحصاءات لا تعيره انتباهًا كافيًا - Healthy Life Expectancy - و بالعربيّة: عمر الحياة الصحّيّة وبعبارة أخرى، فإن متوسط ​​العمر بلا أمراض مزمنة، وفق تعريف منظّمة الصحّة العالميّة.

في الوقت الحاضر، كلّما ثار جدال بشأن توجّهات طبّيّة مختلفة، طُرح الادّعاء بأنّ متوسّط ​​العمر الافتراضيّ في ازدياد، وعليه فإنّ الطبّ في هذا العصر يسير في اتّجاه أفضل.  إلّا أنّ المعطيات تظهر أنّ في انتظار الشخص في إسرائيل والغرب سنوات صحّة أقلّ وسنوات مرض أكثر. تؤكّد بيانات تقرير السعادة ما أراه يوميًّا في عملي كمختصّ في طبّ العائلة: متوسّط ​​العمر الافتراضيّ في ارتفاع متواصل، لكنّ متوسط ​​العمر الافتراضيّ الصحّيّ ينخفض.

وفقًا لبيانات دائرة الإحصاء المركزيّة لعام 2012، متوسّط ​​العمر الافتراضيّ في إسرائيل حاليًّا هو 80 سنة للرجال و -83.6 للنساء. في العقد الماضي وحده، ارتفع متوسط ​​العمر الافتراضيّ للرجال في إسرائيل بنسبة 2.4 سنوات، و 2.1 سنوات للنساء. ووفقًا لبيانات أخرى صدرت عن دائرة الإحصاء المركزيّة، نشرتها صحيفة ذي ماركر في الشهر الماضي، فإنّ متوسّط ​​العمر الافتراضيّ للرجال في إسرائيل بعد حوالي 40 عامًا سيصل إلى -88.7 عامًا – أي سيكون أعلى منه في عام 2008 بحوالي 10 سنوات. كما يتوقّع تعيش النساء حتّى سن 94.9 النساء. وفقًا لهذه البيانات سيتمثّل الارتفاع في متوسّط ​​العمر الافتراضيّ بحوالي السنة للرجال وأكثر بقليل من السنة للنساء في كلّ خمس سنوات.

 

ولكن على الرغم من هذا الارتفاع، نصبح مرضى في سنّ أصغر. وفقًا لتقرير السعادة، في حين كان متوسّط ​​العمر الافتراضيّ الصحّيّ في الفترة 2005-2007  في إسرائيل 71 عاما في المتوسّط، فإنّه في الفترة 2010-2012  قد بلغ 68 عامًا. أي أنّه خلال خمس سنوات فقط، حُذفت ثلاث سنوات تقريبًا من صحّة الشخص العاديّ في إسرائيل. وبعبارة أخرى، فإن الإسرائيليّين على الرغم من أنّهم يعيشون حياة أطول، إلّا أنّ جودة حياتهم أقلّ، كما إنّهم يصبحون مرضى في سنّ مبكرة، متعلّقين بالأدوية والعمليّات الجراحيّة. وفقًا لتقرير السعادة، الدولة مع متوسط ​​العمر الافتراضيّ الأكثر صحّة - 75 سنة - هي اليابان. وهذا قد يعود في جزء منه إلى أنّ غذاء هؤلاء السكان صحّيّ أكثر، ويتألّف بالأساس من المأكولات البحرية ومنتجات الصويا والخضراوات والشاي الأخضر- وهي أغذية غنيّة بالألياف والموادّ المضادّة للأكسدة، وقليلة الدهون المشبعة -  الدهنيات الصلبة  التي تميل إلى الالتصاق بجدران الأوعية الدمويّة وتكوين الالتهابات.

حسب رأيي، إذا أردنا خفض معدّلات الإصابة بالأمراض، علينا- نحن أيضًا- أن نبدأ بنمط حياة صحّي واتّباع نظام غذائيّ يمنع الأمراض. ولكن نحن منشغلون بشكل رئيسيّ في الوقاية الثانوية والثالثيّة (الكشف المبكّر عن الأمراض، بواسطة الفحوصات بشكل خاصّ، وعلاجها)، وبدرجة أقلّ بالوقاية الأوّليّة- اتّخاذ تدابير من شأنها أن تساعد مسبقًا في تفادي الإصابة بالأمراض. تبدأ الوقاية الأوّليّة بالتربية للصحّة، وحبّذا لو اتّخذ عالم الطبّ خطوات قبل اكتشاف المرض القائم.

يستند جدول أعمال الصحة بدرجة كبيرة إلى الأدوية، الإجراءات الطبّيّة،  العمليّات  الجراحيّة التي تزيد من متوسّط ​​العمر الافتراضيّ. وبدرجة أقلّ إلى العلاج من خلال التغذية الذي قد يزيد من متوسّط ​​العمر الافتراضيّ الصحّيّ. اليوم، يخرج المريض من اللقاء مع الطبيب وبحوزته وصفة طبّيّة، وليس مع توصية لتغيير في النظام الغذائيّ. اقرأ في التوصيات المرفقة برسائل التسريح من المستشفيات توصيات القسم بشأن الأدوية والفحوصات بشكل خاصّ.  يفتقر تعليم الأطبّاء إلى التثقيف والتربية الغذائيّة، مع أنّنا نشهد في السنوات الأخيرة الكثير من التغيّرات في مجال التغذية، بما في ذلك الدراسات التي تشير إلى وجود صلة مباشرة بين العادات الغذائيّة والأمراض.